الثابت. (أَوْ نُرَدُّ) أو هل نرد إلى الدنيا. (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) نوحد الله ونترك الشرك ، فيقال لهم : لا.
(قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) غبنوها ؛ إذ صاروا إلى الهلاك. (وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي غاب عنهم وذهب. (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من ادعاء الشرك.
المناسبة :
بعد أن أوضح الله تعالى أحوال أهل الجنة ، وأهل النار ، وأهل الأعراف ، وما يدور بين هذه الفرق الثلاث من حوار يحمل المكلف على الحذر والاحتراس والتأمل في العواقب ، أردف ذلك ببيان شرف هذا الكتاب الكريم وعظيم فضله ونفعه وحجيته على البشر كلهم ، وأنه أبطل معاذيرهم ، ثم ذكر حال المكذبين وما يحدث منهم يوم القيامة من ندم وحسرة ، وتمني العودة إلى الدنيا لإصلاح أعمالهم ، أو إنقاذهم بشفاعة الشفعاء.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى بهذه الآية عن إبطال معاذير المشركين بإرسال الرسل إليهم بالكتاب الذي هو مفصّل مبيّن ، كقوله تعالى : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ، ثُمَّ فُصِّلَتْ) [هود ١١ / ١].
لقد جئنا هؤلاء المشركين من أهل مكة وأمثالهم بكتاب كامل البيان وهو القرآن ، فصلنا آياته بالحكم والمواعظ والقصص والأحكام والوعد والوعيد ، على علم تام منا بما فصلناه به ، كقوله : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) [النساء ٤ / ١٦٦] تصحيحا لعقيدتهم ، وتزكية لنفوسهم ، وسببا لسعادتهم ، وهدى ورحمة لمن يؤمن به ، ويعمل بأحكامه.
أوضح أصول الدين ، وندد بالشرك والوثنية ، ووضع الأنظمة الصالحة للبشر ، وحض على البناء والتقدم والحضارة من طريق تمجيد النظر والتأمل