لحارثي عن زيد بن أسلم مثله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) قال : عمر بن الخطاب (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) قال : أبو جهل بن هشام.
وذكر الواحدي النيسابوري عن ابن عباس قال : قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) يريد حمزة بن عبد المطلب وأبا جهل ، وذلك أن أبا جهل رمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفرث ، وحمزة لم يؤمن بعد ، فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس ، فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع إليه ويقول : يا أبا يعلى ، أما ترى ما جاء به ، سفّه عقولنا ، وسبّ آلهتنا ، وخالف آباءنا؟ قال حمزة : ومن أسفه منكم؟ تعبدون الحجارة من دون الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
اتفقت الروايات على أن الكافر الضال هو أبو جهل ، وأما المؤمن المهتدي فقيل : حمزة ، وقيل : عمر رضياللهعنهما ، والصحيح كما قال ابن كثير والقرطبي : أن الآية عامة يدخل فيها كل مؤمن وكافر (٢).
المناسبة :
ذكر الله تعالى في الآية السابقة أن أكثر أهل الأرض ضالون متبعون للظنون الزائفة والتخمينات ، وأن المشركين يجادلون المؤمنين في دين الله ، ثم ذكر هنا مثلا يوضح حال المؤمن المهتدي وحال الكافر الضال ، فأبان أن المؤمن المهتدي بمنزلة من كان ميتا ، فجعل حيا بعد ذلك ، وأعطي نورا يهتدي به في مصالحه ، وأن الكافر بمنزلة من هو في ظلمات منغمس فيها ، لا خلاص له منها ، فيكون متحيرا على الدوام.
__________________
(١) أسباب النزول : ١٢٨
(٢) تفسير ابن كثير : ٢ / ١٧٢ ، تفسير القرطبي : ٧ / ٧٨