وما يشعرون شعورا صادقا صحيحا بمدى أعمالهم.
وهذا مؤيد للقاعدة الاجتماعية الشهيرة وهي تنازع البقاء ، وبقاء الأصلح ، كما قال تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً ، وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [الرعد ١٣ / ١٧].
وقد ساد هذا وصار سنة متبعة أيضا في الماضين الأولين ، فقال تعالى : (وَمَكَرُوا مَكْراً ، وَمَكَرْنا مَكْراً ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) [النمل ٢٧ / ٥٠ ـ ٥١] أي أن الذين مكروا حفاظا على نفوذهم ومراكزهم ، لم يشعروا بأن عاقبة مكرهم تحقيق بهم ، لجهلهم بسنن الله في خلقه : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر ٣٥ / ٤٣].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيتان على ما يأتي :
١ ـ المؤمن المهتدي كمن كان ميتا فأحياه الله ، فهو الذي ينعم بحق بالحياة الصحيحة السوية المتكاملة المطمئنة ؛ لأنه على بصيرة تامة بواقعة وعمله وسيرته ، وعلى معرفة دقيقة بدينه وما ينتظره من مستقبل حافل بالآمال العذبة ، والخيرات المغدقة ، والنعيم الخالد.
والكافر الضال يعيش في الواقع في ظلمات بعضها فوق بعض ، ظلمة الكفر ، وظلمة المنهج والطريق ، وظلمة المستقبل الغامض ، المحفّل بشتى ألوان العذاب والضيق والحيرة والقلق والاضطراب.
٢ ـ سنة الله في الاجتماع البشري أن يكون النفوذ والسيطرة لأكابر المجرمين ، وقادة الفسق والعصيان ، وأهل الانحراف الذين يعادون الرسل ، ويقاومون حركة الإصلاح في كل زمان.