التشريع ، فلا إله غيره ، ولا رب سواه ، ولا خالق عداه ، ولا مشرّع في عبادة وتحليل وتحريم غيره ، فقال : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ).
وفي ثنايا إبراز مظاهر القدرة الإلهية امتن الله على المشركين وغيرهم بما يسره لهم من الرزق ، وندد بما افتروه على الله من الكذب من الشرك وعدم الإيمان بالقضاء والقدر.
التفسير والبيان :
يبين الله تعالى أنه الخالق لكل شيء من الزروع والثمار ، والأنعام التي تصرف فيها المشركون بآرائهم الفاسدة وقسموها ، فجعلوا منها حراما وحلالا ، فقال : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ ...).
أي إن الله هو الذي أوجد البساتين والكروم المشجرة ، سواء منها المعروش أي الذي يحمل على العرش : وهو عيدان تصنع كهيئة السقف ويوضع الكرم عليها ، وغير المعروش : وهو الملقى على وجه الأرض ، أو المستغني باستوائه على سوقه عن التعريش كبقية أشجار الفاكهة ، حتى بعض كروم العنب نفسها ، منها المعروش وغير المعروش. وخلق أيضا النخل والزرع المختلف الطعم واللون والرائحة والشكل. وأفرد النخل بالذكر لكثرته عند العرب ، ولجماله ، ولما له من منافع كثيرة بكل أجزائه ، ولبقاء ورقه دون سقوط في مختلف الفصول ، حتى شبّه المؤمن في الحديث النبوي به.
وأنشأ سبحانه الزرع المختلف الأنواع والأكل : وهو الثمر المأكول ، والذي به حياة بني آدم ، وهو يشمل كل ما يزرع صيفا وشتاء ، وأفرده الله بالذكر كالنخل ، كما فيهما من الفضيلة.
وقد ذكرت هذه الأنواع على طريق الترقي من الأدنى في التغذية واقتيات الناس إلى الأعلى والأعم ، فإن الحبوب هي الغذاء الأساسي.