البشر ، وجاء بالمعجزة هو ساحر ، ومعجزته سحر ، فلذلك قالوا على سبيل الإنكار :
(أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)؟ أي أفتتبعونه ، فتكونون كمن يأتي السحر ، وهو يعلم أنه سحر ، أو أتصدقون بالسحر ، وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر؟!
فهم يستبعدون كون رسول الله صلىاللهعليهوسلم نبيا ؛ لأنه بشر مثلهم ، والرسول لا يكون إلا ملكا ، وأما ما أتى به من القرآن فهو سحر.
وإنما أسروا الحديث بينهم في ذلك للتشاور في المخلص ، والتوصل إلى أنجع الطرق لهدم دينه.
فأجابهم تعالى عما افتروه واختلقوه من الكذب بقوله :
(قالَ : رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي قال لهم الرسول بأمر من الله مفتضحا أسرارهم : لا تخفوا ما تقولون ، فإن الله ربي وربكم يعلم ذلك ، لا يخفى عليه خافية من أمر السماء والأرض وما يحدث فيهما من أقوال وأفعال ، وهو الذي أنزل القرآن المشتمل على خبر الأولين والآخرين ، وهو السميع لأقوالكم ، العليم بأحوالكم.
وفي هذا تهديد لهم ووعيد.
وإنما قال : (يَعْلَمُ الْقَوْلَ) ولم يقل : يعلم السر ؛ لقوله المتقدم : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) لأن القول عام يشمل السر والجهر ، وعلمه بالأمرين على سواء ، لا تفاوت فيه ، خلافا لمعلومات الناس ، فكان التعبير شاملا للعلم بالسر وزيادة ، وكان آكد في بيان الاطلاع على نجواهم من أن يقول : يعلم السرّ.
ثم أخبر الله تعالى عن تخبط الكفار ، وتعنتهم وإلحادهم ، وحيرتهم وضلالهم ،