وترددهم في وصف القرآن ، واختلافهم في ذلك ، فقال :
(بَلْ قالُوا : أَضْغاثُ أَحْلامٍ ، بَلِ افْتَراهُ ، بَلْ هُوَ شاعِرٌ) أي إنهم وصفوا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أولا بأنه ساحر وأن ما يقوله سحر ، ثم أضربوا عن قولهم : هو سحر إلى أنه تخاليط أحلام رآها في المنام ، ثم إلى أنه كلام مفترى مختلق من عنده ، ثم إلى أنه قول شاعر.
وهذا الاضطراب والتردد والتحير دليل على أن قولهم باطل ، يشوه الحق ، ويزيف الحقائق ، فهم إما جاهلون بحقيقة ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو عارفون الحقيقة ، ولكنهم مكابرون يائسون يأس المهزوم المغلوب ، فقالوا : إنه سحر وكذب.
ولما فرغوا من تعداد هذه الاحتمالات ، وترداد هذه المزاعم قالوا :
(فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) أي إن كان محمد صادقا في أنه رسول من عند الله ، وأن القرآن الموحى به إليه كلام الله ، فليأتنا بآية جلية غير القرآن ، لا يتطرق إليها شيء من هذه الاحتمالات ، كالآيات المنقولة عن الأنبياء السابقين ، مثل ناقة صالح ، وآيات موسى كالعصا واليد ، وعيسى كإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ، ونحو ذلك من المعجزات الحسية التي تثبت النبوة والرسالة.
وقوله : (كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) يدل على أن تلك الآيات مسلّم بها عندهم ، وتحقّق المقصود.
ثم أجابهم تعالى عن هذا السؤال الأخير مفندا كذبهم ، ومشيرا إلى عدم إفادة الآيات المنزلة ، بسبب إمعانهم في الكفر ، فقال :
(ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها ، أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ)؟ أي ما أتينا أهل