قرية من القرى الذين بعث إليهم الرسل آية على يدي نبيهم ، فآمنوا بها ، بل كذبوا ، فأهلكناهم بذلك ، أفهؤلاء يؤمنون بالآيات لو رأوها دون أولئك؟
والمعنى : أنهم أشد عتوا من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات ، ووعدوا أنهم يؤمنون عند مجيئها ، فلما جاءتهم نكثوا العهد ، وخالفوا ، فأهلكهم الله ، فلو أعطيناهم ما يقترحون لكانوا أشد نكثا ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ. وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ ، حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس ١٠ / ٩٦ ـ ٩٧].
والخلاصة : أن عدم تلبية اقتراحاتهم هو في صالحهم ، إذ لو أجابهم تعالى لما طلبوا ، ثم بقوا على كفرهم وعنادهم ، لنزل بهم عذاب الاستئصال ، إلا أن حكمة الله اقتضت تأخير العذاب عنهم إلى الآخرة.
وأما سؤالهم فهو سؤال تعنت ، والله يعلم أنهم لا يؤمنون.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ إن قيام الساعة أمر محتم لا ريب فيه ، وهو قريب الحصول ، وأما مرور القرون السالفة من عهد البعثة إلى يومنا هذا وإلى ما شاءالله من أزمان ، فلا يدل على طول المدة ؛ لأن هذه القرون قصيرة جدا في عمر الدهر والتاريخ ، فما بقي من الدنيا أقل مما مضى.
٢ ـ الناس مع الأسف وبالرغم من قرب القيامة في غفلة وإعراض ، أما الغفلة : فهي السهو عن الحساب وعن التفكر في العاقبة المحتومة ، مع أن عقولهم تقتضي أنه لا بد من جزاء المحسن والمسيء.