الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً) [آل عمران ٣ / ١٨٦].
وإنما كانوا بشرا ليتمكن الناس من تلقي الوحي عنهم ، والأخذ بيسر بما نزل عليهم. وهذا نص صريح في بشرية الرسل وفي كونهم رجالا لا نساء.
(وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ ، وَما كانُوا خالِدِينَ) أي وما جعلنا الأنبياء ذوي جسد غير طاعمين كالملائكة ، بل كانوا أجسادا يأكلون الطعام ، وما كانوا مخلّدين باقين في الدنيا ، ونظير الآية : (وَقالُوا : ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) [الفرقان ٢٥ / ٧] وقوله : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) [الفرقان ٢٥ / ٢٠].
وهذا نفي لما اعتقدوا أن من صفات الرسل الترفع عن الحاجة إلى الطعام ، فهم كانوا بشرا يأكلون الطعام ، ويتصفون بكل الصفات الإنسانية ، ويطرأ عليهم الحزن والسرور ، والمرض ، والنوم واليقظة ، والحياة والموت ، فلا خلود لهم في الدنيا ، كما قال تعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) [الأنبياء ٢١ / ٣٤].
(ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ ...) أي إننا نصون حياة الرسل وكراماتهم ، ونصدقهم في الوعد الذي نعدهم به من النصر على أعدائهم ، وإهلاك الظالمين ، وننجيهم ومن نشاء من أتباعهم المؤمنين بهم ، ونهلك المكذبين لهم ، المسرفين على أنفسهم بالكفر والمعاصي ، المكذبين بما جاءت به الرسل.
وبعد إثبات بشرية الرسل للرد على المشركين الذين اعتقدوا بأن الرسالة من خواص الملائكة ، نبّه تعالى على شرف القرآن وفضله ونفعه للناس ، وحرض على معرفة قدره ، فقال :
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) أي لقد أعطيناكم هذا القرآن العظيم