المشتمل على دستور الحياة الإنسانية الفاضلة ، فيه شرفكم وصيتكم وسمعتكم ، كما قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف ٤٣ / ٤٤] أو فيه عظتكم وتذكيركم بمحاسن الأخلاق ومكارم الشيم ، والأخذ بأيديكم إلى عز الدنيا وسعادة الآخرة.
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي أفلا تتدبرون أمركم ، وتقدرون هذه النعمة ، وتتلقونها بالقبول ، وتتفكرون بما اشتمل عليه هذا القرآن من العظات والعبر ، فتأخذوا بما فيه ، وتتجنبوا ما حذره وما نهى عنه.
وفي هذا حث شديد على تدبر أحكام القرآن وتعقل ما جاء فيه من أمور الدنيا والدين والحياة.
فقه الحياة أو الأحكام :
اشتملت الآيات على ما يأتي :
١ ـ الأنبياء والرسل من جنس البشر ، وليسوا من الملائكة ، ليسهل الأخذ عنهم ، ومناقشتهم وتفهم الموحى به إليهم ، فقد ثبت بالتواتر والاستقراء والتتبع أن الرسل كانوا من البشر.
٢ ـ إن سؤال أهل العلم واجب ، وعلى العامة تقليد العلماء ، وقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على أن الأعمى لا بدّ له من تقليد غيره ممن يثق به في الاتجاه إلى القبلة إذا أشكلت عليه ، وكذلك كل من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به ، لا بد له من تقليد أحد العلماء. ولا يجوز للعامة الفتيا في الدين ، للجهل بالمعاني التي يرتكز عليها التحليل والتحريم.
٣ ـ لم يجعل الله تعالى الرسل بصفات منافية لطباع البشر ، لا يحتاجون إلى طعام وشراب ، بل هم كغيرهم من البشر يأكلون الطعام ، ويشربون الماء ، ويمشون في الأسواق ، ويتعاطون شؤون الحياة والمكاسب المتعددة.