٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) أي وهو الذي أحياكم من العدم ، وخلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا يذكر ، ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم وأعماركم ، والموت ستر ونعمة ، ثم يحييكم بالبعث يوم القيامة. ويلاحظ اختيار الصيغ المناسبة للتعبير ، فهو أولا عبر بالماضي لأنه تم وحدث ، ثم أشار إلى المرحلة المرتقبة وهو الموت ، ثم الحياة الجديدة في عالم الآخرة.
(إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) أي إن الإنسان جحود نعم الله تعالى ، فلم يقدر تلك النعم ، ويهتدي بها إلى عبادة الله وتوحيده ، وهجر كل ما عداه من الآلهة المزعومة ، وهو مثل قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [العاديات ١٠٠ / ٦].
ونظير الآية قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة ٢ / ٢٨] وقوله : (قُلِ : اللهُ يُحْيِيكُمْ ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ، ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، لا رَيْبَ فِيهِ) [الجاثية ٤٥ / ٢٦].
فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع الآيات الاستدلال على كمال قدرته تعالى وكمال علمه ، وتلك الأدلة هي ما يأتي :
١ ـ من آيات قدرة الله البالغة كونه خالقا لليل والنهار ، ومتصرفا فيهما ، فوجب أن يكون قادرا عالما بما يجري فيهما ، وإذا كان قادرا عليما ، كان قادرا على نصر من شاء من عباده ، يفعل ما يلائم الحكمة والمصلحة ، فهو يسمع الأقوال ، ويبصر الأفعال ، فلا يعزب عنه مثقال ذرّة ، ولا دبيب نملة إلا يعلمها ويسمعها ويبصرها.
٢ ـ ذلك الوصف المتقدم من قدرة الله على هذه الأمور لأجل أن الله هو الحق أي الموجود الواجب لذاته ، الذي يمتنع عليه التغير والزوال ، فيأتي بالوعد