مخلوقة له ، مملوكة له ، عبيد له ، منقادة خاضعة لأمره ، متصرف فيها كيف يشاء ، وهو غني عما سواه ، وكل شيء فقير إليه ، عبد لديه. وهذا دليل آخر على القدرة الإلهية الشاملة.
٤ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) أي ألم تعلم أن الله ذلل لكم أيها البشر جميع ما في ظاهر الأرض وباطنها ، من حيوان وجماد ومعدن وزروع وثمار ، لينتفع بها الإنسان في مصالحه المختلفة ، كما قال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) [الجاثية ٤٥ / ١٣] أي من إحسانه وفضله وامتنانه.
(وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) أي وسخر لكم السفن ، جارية في البحار ، لنقل الركاب والبضائع ، بتسخيره وتسييره ، متنقلة من بلد إلى بلد ، ومن قطر إلى قطر ، فيتم تبادل الحوائج والمنافع ، ويتعايش الناس متعاونين ، يحققون بها ما يحتاجون إليه ويريدون.
(وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي ويحفظ السماء بما فيها من كواكب ونجوم بالجاذبية ، وبتخصيص مدار ثابت خاص لكل منها ، بمشيئته وإرادته ، ولو شاء لأذن للسماء ، فسقطت على الأرض ، فهلك من فيها ، ولكن من لطفه ورحمته وقدرته يمسك السماء من أن تقع على الأرض إلا بإذنه وأمره ، وذلك يوم القيامة حيث تتساقط الكواكب وتتصدع السموات ، كما قال تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ، وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) [الانفطار ٨٢ / ١ ـ ٢] ولو لا هذا النظام الدقيق لا لاصطدمت الكواكب ببعضها ، ودمرت الأرض بما عليها ، لذا قال :
(إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي إن الله تعالى رؤف رحيم بالناس على ظلمهم ، فمتعهم بجمال السماء والأرض ، وأرشدهم إلى الاستدلال بآيات الكون على وجوده ووحدانيته.