(اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أي الله يقضي بين المؤمنين منكم والكافرين يوم القيامة فيما اختلفتم فيه من أمر العقيدة والدين ، بالجزاء الحاسم المتردد بين الجنة والنار ، والثواب والعقاب ، الأول لمن قبل ، والثاني لمن رفض ، فتعرفون حينئذ الحق من الباطل ، والمحق من المبطل.
والخلاصة : إن الآيات آمرة باستمرار الدعوة إلى شرع الله ودينه ، وعدم التمييز بين الناس ، دون مبالاة بجدل المرائين وعرقلة المتخلفين ، فإن الداعي على حق أبلج ، كما قال تعالى : (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ، وَقُلْ : آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ ، وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ، اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ ، لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ ، لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ ، اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [الشورى ٤٢ / ١٥].
ثم أخبر الله تعالى عن كمال علمه بخلقه وعلمه بالكائنات كلها قبل خلقها وبما يستحقه كل من المسيء والمحسن ، فقال :
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ ، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) أي لقد علمت أيها الرسول ـ والخطاب وإن كان معه ، فالمراد سائر الناس ـ أن علم الله محيط بما في السموات وما في الأرض ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما ، وأنه تعالى علم الكائنات كلها قبل وجودها ، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ. وكتابة كل ما هو كائن إلى يوم القيامة ، وعلمه الشامل ، وفصله بين عباده يوم القيامة يسير سهل عليه.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يلي :
١ ـ لكل أمة من الأمم المتقدمة شريعة خاصة بها ، صالحة لزمانها ، أي أنه