مرجحا المعنى الأول بعود الضمير إلى الله : وهذا هو الصواب ؛ لأنه تعالى قال : (هُوَ اجْتَباكُمْ ، وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وفي قراءة : الله سماكم.
واما دليل من قال بعود الضمير إلى إبراهيم عليهالسلام : فهو قوله تعالى : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ، وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا ، أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة ٢ / ١٢٨].
(لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ، وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي إنما جعلناكم هكذا أمة وسطا عدولا خيارا مشهودا بعدالتكم عند جميع الأمم ، ليكون الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم شهيدا عليكم يوم القيامة بتبليغه ما أرسل به إليكم أي أنه قد بلغكم ، ولتكونوا شهداء على الناس في أن الرسل بلغتهم رسالة ربهم.
واللام في قوله : (لِيَكُونَ) إما لام العاقبة ، وهي متعلقة بقوله : (سَمَّاكُمُ) وإما لام التعليل ، وتكون (عَلَى) في قوله : (عَلَيْكُمْ) بمعنى اللام ، مثل قوله تعالى : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة ٥ / ٣] وتكون شهادة الرسول لهم : أن يزكيهم عند الله يوم القيامة ، ويشهد بعدالتكم إذا شهدوا على الأمم السابقة.
والراجح أنه لا داعي لوصف اللام بما ذكر ، ويكون قبول شهادة الرسول صلىاللهعليهوسلم على الأمة علة في الحكم وهو تسميتها أمة مسلمة.
وقبول شهادة النبي صلىاللهعليهوسلم وشهادة أمته يوم القيامة فيه تشريف للنبي صلىاللهعليهوسلم وتشريف لأمته ، فإن الله تعالى يصدّق قوله على أمته في دعوى تبليغه إياها ، ويجعل أمته أهلا للشهادة على سائر الأمم.
وإنما قبلت شهادتهم على الأمم ؛ لأنهم لم يفرقوا بين أحد من الرسل ، وعلموا أخبارهم من القرآن الكريم ، ورد أنه يؤتى بالأمم وأنبيائهم ، فيقال للأنبياء : هل