الرسل. وكل ذلك برهان على أن القرآن وحي من عند الله ، وعلى نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، حيث أخبر بالغيوب الماضية وهو رجل أمي لا يقرأ شيئا من الكتب.
التفسير والبيان :
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ ، وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) أي وما كنت يا محمد حاضرا بجانب المكان أو الجبل الغربي ـ غرب موقف موسى حين كلم الله موسى ، وأوحى إليه أمر الرسالة ، وأعطاه ألواح التوراة ، وألزمه العهد ، وما كنت من الحاضرين لذلك ، فتعلمه وتخبر به.
ولكنا أعلمناك بخبره ليكون برهانا على نبوتك ، إذ تخبر بأخبار الماضين كأنها واقعة أمامك ، وأنت أمي لا تقرأ ولا تكتب ، مما يدل على كون ذلك الإخبار بوحي من عند الله تعالى ، ثم بين سبب ذلك الإخبار :
(وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي والسبب الداعي إلى الإخبار عن الماضين وإنزال الوحي مجددا في القرآن الكريم وجود أمم كثيرة من بعد موسى ، بعد بها الأمد ، وطال عليها العهد ، فاندرست العلوم ، وتغيرت الشرائع ، ونسي الناس حجج الله عليهم وما أوحاه إلى الأنبياء المتقدمين ، فجئنا بك يا محمد رسولا تجدد العهد الإلهي ، وتبين للناس رسالة الله إليهم ، كما قال سبحانه : (يا أَهْلَ الْكِتابِ ، قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا : ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة ٥ / ١٩].
والآية تنبيه على المعجزة ، إذ الإخبار عن قصة مضى عليها مئات السنوات ، دون مشاهدة ولا حضور لأحداثها ، دليل واضح على نبوة المخبر ، وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وتلا ذلك مؤيدات أخرى مشابهة :