١ ـ (وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا ، وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) أي وما كنت مقيما بين قوم شعيب في مدين ، تقرأ عليهم آياتنا المنزلة ، حين أخبرت عن النبي شعيب عليهالسلام وما قال لقومه وما ردوا عليه ، ولكن ـ ذات الجلالة ـ نحن أوحينا إليك ذلك ، وأرسلناك للناس رسولا ، وأيدناك بهذه الآيات المعجزات ، لتكون برهانا على صحة نبوتك وصدق رسالتك ، ولو لا خبر الوحي ما علمت بذلك ولا أخبرت أحدا بشيء.
٢ ـ (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا ، وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي وما كنت يا محمد أيضا بجانب جبل الطور حين مناداة موسى وتكليمه ومناجاته ، حتى تعرف تفاصيل الخبر وتحدث بين الناس. وهذا شبيه بقوله المتقدم : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) ولكنه ورد بصيغة أخرى أخص مما سبق وهو النداء ، أي مناداة موسى عليهالسلام ليلة المناجاة وتكليمه (١).
ولكن علمناك وأخبرناك وأنزلنا عليك القرآن المتضمن تلك الأخبار وغيرها ، وأرسلناك رحمة مهداة منه بك وبالعباد المرسل إليهم ، لتنذر قوما هم العرب لم ينذروا قبل ، بأس الله وعذابه إن لم يؤمنوا به ، وظلموا على وثنيتهم وضلالهم ، لعلهم يهتدون بما جئتهم به من الله عزوجل ، فيصيروا من أهل السعادة.
والثابت تاريخيا أنه لم يأت إلى العرب رسول بعد إسماعيل عليهالسلام ، وأما رسالة موسى وعيسى فكانت خاصة ببني إسرائيل فقط.
__________________
(١) الظاهر أن الله تعالى كلم موسى مرتين : مرة حين البعثة ، ومرة حين اختار سبعين رجلا من شيوخ بني إسرائيل للميقات ليظهروا توبتهم من عبادة العجل ، ولما كلمه الله وهم يسمعون كلام الله تمردوا وعصوا وقالوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً.