فيها مقيمون دائما لا يظعنون ، ولا يبغون عنها حولا.
وهذا كائن لا محالة ؛ لأنه وعد الله الذي لا يخلف وعده ؛ لأنه الكريم المنّان ، الفعال لما يشاء ، القادر على كل شيء.
وهو العزيز القوي الذي قهر كل شيء ودان له كل شيء ، فلا ينجو منه مشرك ولا غيره ، وهو الحكيم في أقواله وأفعاله ، الذي جعل القرآن هدى للمؤمنين. ونحو موضوع الآيتين السابقتين قوله تعالى : (قُلْ : هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ، وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ ، وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) [فصلت ٤١ / ٤٤] وقوله سبحانه : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) [الإسراء ١٧ / ٨٢].
فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ إن من أعظم الجرائم الإعراض عن سماع القرآن كلام الله ، وشغل الناس بسماع غيره من أنواع الكلام غير المفيد من القصص والأساطير والمضاحيك ونحو ذلك من ألوان اللهو والعبث ، بقصد الإضلال والصد عن دين الله تعالى ، ويستحق المعرض المتولي تكبرا عن القرآن عذابا أليما.
٢ ـ استدل ابن مسعود وابن عباس وغيرهما بقوله : (لَهْوَ الْحَدِيثِ) على منع استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب.
وهذه الآية إحدى الآيات الثلاث التي استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه. والآية الثانية : قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) [النجم ٥٣ / ٦١] قال ابن عباس : هو الغناء ، بالحميريّة ؛ اسمدي لنا ، أي غنّي لنا. والآية الثالثة : قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) [الإسراء ١٧ / ٦٤] قال مجاهد : الغناء والمزامير.