خَرْدَلٍ) وزن حبة خردل (فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ) أي في أخفى مكان فيهما (يَأْتِ بِهَا اللهُ) فيحاسب عليها (لَطِيفٌ) باستخراجها ، يصل علمه إلى كل خفي (خَبِيرٌ) بمكانها ، عالم بكنه الأشياء وحقائقها (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) من الشدائد ، وبسبب الأمر والنهي (إِنَّ ذلِكَ) المذكور من كل ما أمر به ونهى عنه (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) معزوماتها التي يعزم عليها لوجوبها ، أو من الأمور المعزومة التي قطعها الله قطع إيجاب (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) لا تمله عنهم ولا تولّهم صفحة وجهك ، كما يفعل المتكبرون ، والأصعر : المعرض بوجهه كبرا ، مأخوذ من الصّعر ، وهو داء يعتري البعير فيلوي منه عنقه (مَرَحاً) خيلاء وبطرا (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) أي يعاقب كل متبختر في مشيه ، فخور على الناس. وهو علة للنهي. والمختال : فاعل الخيلاء ، وهي التبختر في المشي كبرا ، والفخور من الفخر : وهو المباهاة بالمال والجاه ونحو ذلك.
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) توسط فيه غير مختال ولا مستضعف ، وغير مسرع ولا مبطئ وفي الحديث الذي رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة وهو ضعيف : «سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن» والمقصود بقول عائشة في عمر رضياللهعنهما : «كان إذا مشى أسرع» أنه يسير ما فوق دبيب المتماوت (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أي أنقص منه وأقصر أو اخفض (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) أي أقبحها وأزعجها وأصعبها على السامع (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) أوله زفير وآخره شهيق.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى فساد اعتقاد المشركين وأن المشرك ظالم ضال ، ذكر ما يدل على ضلالهم وظلمهم بمقتضى الحكمة والعلم المرشد إلى الإقرار بوحدانيته ، وإن لم يكن هناك نبوة ، فإن لقمان توصل إلى إثبات التوحيد وإطاعة الله والتزام مكارم الأخلاق دون نبي ولا رسول.
وهذا إشارة إلى أن اتباع النبي صلىاللهعليهوسلم لازم فيما لا يعقل معناه ، إظهارا للتعبد ، ولازم من باب أولى فيما يدرك بالعقل معناه.
التفسير والبيان :
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ، وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) أي وتالله لقد أعطينا لقمان (١) الحكمة وهي التوفيق
__________________
(١) روى ابو القاسم الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اتخذوا السودان ، فإن ـ