وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد ، حتى نزلت في القرآن : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ، هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أنت زيد بن حارثة بن شراحيل.
المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى بتقواه وطاعته والخوف منه ، ونهى عن طاعة الكفار والخوف منهم ، نفى تعدد القلب عند الإنسان ، وأبطل الظهار والتبني ، فإذا كان لا يجتمع في قلب إنسان الخوف من الله والخوف من غيره ، فليس للإنسان قلبان حتى يطيع بأحدهما ويعصي بالآخر ، ولا تجتمع الزوجية والأمومة في امرأة ، ولا البنوة الحقيقية والتبني في رجل ، فجمع في الآيات بين أمر معروف حسي ، وبين أمرين معنويين.
التفسير والبيان :
(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) أي إن الذات الإنسانية ووحدة التركيب العضوي واحدة في كل إنسان ، وما خلق الله لأي أحد قلبين ، فليس لأي رجل قلبان في صدره ، وإنما هو قلب واحد ؛ لأن القلب محل التوجيه والإرادة والعزم ، فإذا كان الإنسان مؤمنا بالله ورسوله ، فلن يكون كافرا أو منافقا ، أي أنه لا يجتمع في قلب واحد اعتقادان ، ولا يجتمع اتجاهان متضادان ، يأمر أحدهما أو ينهى بنقيض ما يطلبه الآخر.
والآية كما بان في سبيل النزول رد على ما كانت العرب تزعم أن اللبيب الأريب له قلبان ، فقيل لأبي معمر أو لجميل بن معمر الفهري أو لجميل بن أسد الفهري : ذو القلبين. والظاهر أنه أبو معمر الفهري جميل بن معمر الذي اشتهر بين أهل مكة بذي القلبين لقوة حفظه.