أبيه ، على النحو الذي كان في الجاهلية. فإن لم يكن كذلك ، كما يقول الكبير للصغير تلطفا أو تحننا وشفقة : يا ابني أو يا بنيّ ، فالظاهر عدم الحرمة ، لكن أفتى بعض العلماء بكراهته سدا لباب التشبه بالكفار.
٤ ـ نسبة الإنسان إلى أبيه من التبني خطأ ، بأن يسبق اللسان إليه من غير قصد ، لا إثم ولا مؤاخذة فيها ، لقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ ، وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).
كذلك لا إثم في نسبة شخص كان في الأصل منسوبا إلى أبيه بالتبني ، وجرى الإطلاق على سبيل الشهرة ، كالحال في المقداد بن عمرو ، فإنه غلب عليه نسب التبني ، فلا يكاد يعرف إلا بالمقداد بن الأسود ؛ فإن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبنّاه في الجاهلية وعرف به ، فلما نزلت الآية ، قال المقداد : أنا ابن عمرو ؛ ومع ذلك فبقي الإطلاق عليه ، ولم يحكم أحد بعصيان من ناداه بذلك ، وكذلك سالم مولى أبي حذيفة ، كان يدعى لأبي حذيفة ، وغير هؤلاء.
وذلك بخلاف الحال في زيد بن حارثة ؛ فإنه لا يجوز أن يقال فيه : زيد بن محمد ؛ إذ لم يشتهر به بعد التحريم والنهي ، فإن قاله أحد متعمدا عصى ؛ لقوله تعالى : (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).
٥ ـ وكما يحرم التبني ، يحرم انتساب الشخص إلى غير أبيه ، وهو يعلم أنه غير أبيه ، بل هو من الكبائر إذا كان على النحو الجاهلي ، فقد كان الرجل منهم ينتسب إلى غير أبيه وعشيرته ، وجاء في السنة الوعيد الشديد عليه ، أخرج الشيخان وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من ادّعى إلى غير أبيه ، وهو يعلم أنه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام».
وأخرج الشيخان أيضا : «من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»