وروى عن أحمد بن محمد العتيقى والحسن بن جعفر السلماسي والحسن بن على الجوهري إلى محمد بن عبد الله بن الحكم قال : قال لي محمد بن إدريس الشافعي : نظرت في كتب لأصحاب أبى حنيفة فإذا فيها مائة وثلاثون ورقة ، فعددت منها ثمانين ورقة خلاف الكتاب والسنة. قال أبو محمد : لأن الأصل كان خطأ فصارت الفروع ماضية على الخطإ.
وقال ابن أبى حاتم حدثني الربيع بن سليمان المرادي قال : سمعت الشافعي يقول : أبو حنيفة يضع أول المسألة خطأ ثم يقيس الكتاب كله عليها. وقال أيضا حدثنا هارون بن سعيد الأيلى قال : سمعت الشافعي يقول : ما أعلم أحدا وضع الكتب أدل على عوار قوله من أبى حنيفة.
أما أصول أبى حنيفة رضى الله عنه فمعروفة لا يقدر أحد أن يطعن فيها ، فإنه إذا بنى أصلا على باب من الأبواب لم يخالفه أبدا. مثال ذلك أن الشك لا يزيل اليقين عند أبى حنيفة رحمهالله ، مثاله إذا أكل الرجل في شهر رمضان وهو يرى أنه لم يصبح وكان قد أصبح فعليه القضاء ولا كفارة عليه ، ولو أكل وهو يرى أنه قد دخل الليل ثم تبين أنه نهار فعليه القضاء والكفارة ، لأنه ممسك بالأصل. ومثاله إن العصير لا يصير خمرا يغلى ويقذف بالزبد ويشتد ويسكر فإذا حمض الخمر أدنى الحمض لا يصير خلا حتى يشتد حمضه فيتخلل بيقين ومثاله رجل توضأ ثم شك في الحدث فهو على وضوئه ، ورجل شك في الوضوء يجب عليه الوضوء لأنه على الأصل ، هذا في الأصول التي بنى عليها. أما على القول فالشافعي وأصحابه منذ كانوا وإلى هذه السنة التي تكلمنا فيها ـ وهي سنة إحدى وعشرين وستمائة لهجرة النبي صلىاللهعليهوسلم ـ لا يقدرون على بيان ما نقل عنه الخطيب. وجوابي للخطيب ، وإنما عندي أن الشافعي نقل عنه من حمد أبى حنيفة ما لا ينقل إلا عمن يعرف الفضل ويعرف به.
وروى عن ابن رزق إلى أحمد بن سنان بن أسد القطان قال سمعت الشافعي يقول : ما شبهت رأى أبى حنيفة إلا بخيط السحارة يمد كذا فيجيء أخضر ، ويمد كذا فيجيء أصفر. هذا القول لا يحسن أن ينقل عن الشافعي لأنه لا ينقله عنه إلا من يريد الطعن والتشنيع عليه ، لأن مثل هذا المثل لا يتمثل به إلا الصبيان.
وحدث عن البرقاني إلى المروذى أبو بكر أحمد بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله ـ وهو أحمد بن حنبل ـ عن أبى حنيفة وعمرو بن عبيد. قال : أبو حنيفة أشد على