المسلمين من عمرو بن عبيد لأن له أصحابا. إن صح هذا الخبر وكان الأمر على ما ذكر فكلهم له الأصحاب ، فأما أصحاب أبى حنيفة فليس فيهم من يقول : إن الله شبح جالس على العرش والعرش لا يسعه. أترى من يقول هذا القول لا يعرف أن من خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق له ما يسعه؟.
وروى عن طلحة بن على الكتاني إلى الأثرم قال رأيت أبا عبد الله مرارا يعيب أبا حنيفة ومذهبه ، ويحكى الشيء من قوله على الإنكار والتعجب. أنا أصدق هذا لأن أصحاب أحمد إلى يومنا هذا لم يفهم أحد منهم «الجامع الكبير» ، ولا عرف ما فيه ، ومتى وقف عليه فلا شك أنه ينكره فخل عنك باقى كتب أصحاب أبى حنيفة.
وروى عن بشرى بن عبد الله الرومي إلى أبى بكر الأثرم قال أخبرنا أبو عبد الله بباب في العقيقة فيه عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث مسندة ، وعن أصحابه ، وعن التابعين ، ثم قال : وقال أبو حنيفة : هو من عمل الجاهلية. ويتبسم كالمتعجب.
أما هذا القول فلا ينكره على أبى حنيفة إلا من لا يعرف أمور الشرع ، فإن العقيقة والطهور وغيرهما كان من شريعة إبراهيم ثم استمر ذلك في الجاهلية حتى جاء النبيصلىاللهعليهوسلم وأمر به ، وبهذا جاء الكتاب العزيز (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) يعنى التوراة. ونحن نعمل بذلك. وقد جاء شيء من عمل الجاهلية لم يكن مذهبا لإبراهيم عليهالسلام وعمل به النبي صلىاللهعليهوسلم وهو البدنة.
وروى عن محمد بن عبد الملك القرشي إلى محمد بن يوسف البيكندى يقول : قيل لأحمد بن حنبل قول أبى حنيفة الطلاق قبل النكاح؟ فقال مسكين أبو حنيفة كأنه لم يكن من العراق ، كأنه لم يكن من العلم بشيء ، قد جاء فيه عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعن الصحابة ، وعن نيف وعشرين من التابعين ، مثل سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس وعكرمة. كيف يجترئ أن يقول تطلق؟.
هذا خلاف مذهب أبى حنيفة ، لأن مذهبه أنه يقول لا طلاق إلا في ملك أو مضافا إلى ملك ، أو في علقة من علائق الملك. وجميع أصحاب أبى حنيفة على ما ذكرت. وأما من نقل عن رجل فقها لم يكن من مذهبه ويقول إنه مذهبه ، ما نعلم كل أحد أنه يتقول عليه ومن علم أنه كاذب كيف يصدق قوله في الأخبار عنه أو عن غيره؟.