وروى عن ابن رزق إلى مهنئ بن يحيى قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما قول أبى حنيفة والبعر عندي إلا سواء.
لا يشك أحد أن أحمد بن حنبل بعد مذهب أبى حنيفة ، والمسائل التي هي [من] قول أبى حنيفة وعمل بها أحمد كيف حكمه فيها؟ هل هي داخلة في الجملة أو خارجة عنها؟ فإن قال داخلة فيها فقد خالف قوله بلا شك وصار بهذا كافرا لأنه يرى الخطأ ويتبعه ، وإن قال لا فقد خالف قوله وناقض الحكم ، ومثل هذا لا يصح عن أحمد بن حنبل لأن أدنى درجات أحمد أن يعرف ما ذكرت ، فإن أحمد ولد بعد [وفاة] أبى حنيفة بأربع عشرة سنة.
وروى عن البرقاني إلى محمد بن روح قال سمعت أحمد بن حنبل يقول : لو أن رجلا ولى القضاء ثم حكم برأى أبى حنيفة ، ثم سألت عنه لرأيت أن أرد أحكامه. إن كان أحمد يرى رد أحكام الحكام فربما ، وإن كان غير ذلك فلا يجوز له. لأن الصحابة كلهم على خلاف هذا ، فإن عليا رضى الله عنه ولى شريحا وكان يرى خلاف رأى شريح ، وكذلك أكثر الخلفاء الراشدين ولوا قضاة يرون خلاف رأيهم وإن كان أحمد يحالف جميع الصحابة فهذا عجيب.
وروى عن الحسن بن أبى طالب إلى خالد بن يزيد بن أبى مالك أنه قال : أحل أبو حنيفة الزنا ، وأحل الربا ، وأهدر الدماء. فسأله رجل ما تفسير هذا؟ فقال : أما تحليل الربا فقال درهم وجوزة بدرهمين نسيئة لا بأس به ، وأما الدماء فقال لو أن رجلا ضرب رجلا بحجر عظيم فقتله كان على العاقلة ديته ثم تكلم في شيء من النحو فلم يحسنه ، ثم قال لو ضربه بأبا قبيس كان على العاقلة وأما تحليل الزنا فقال لو أن رجلا وامرأة أصيبا في بيت وهما معروفا الأبوين فقالت المرأة هو زوجي ، وقال هو هي امرأتى ، لم أعرض لهما. قال أبو الحسن النجاد : في هذا إبطال الشرائع والأحكام.
أما جوزة ودرهم بدرهمين نسيئة فإن هذا لم يرو عن أبى حنيفة ولا يصح في مذهبه النسيئة خاصة ، بل الذي روى عن أبى حنيفة إذا اشترى سيفا وعليه حلية فضة لا يخلص إلا تضرب بدراهم نقدا ، فإن كان الثمن بقدر الحليلة أو أقل لم يصح البيع ، وإن كان الثمن أكثر من الحلية صح. لأن الحلية بوزنها والفضل في مقابلة السيف ، وهذا إذا كان يدا بيد. قال ولو باع إبريق فضة وزنه عشرة ذراهم بعشرين درهما