لصح يدا بيد. فإن أعطاه غيره دراهم وافترقا صح في النصف وبطل في النصف ، وهذا خلاف ما حكاه الخطيب. وأما الدماء فإن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يرو عنه القصاص في الحجر ، وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «ادرءوا الحدود بالشبهات» وقال «ألا إن قتيل شبه العمد قتيل السوط والعصا مائة من الإبل» ولم يفرق النبي صلىاللهعليهوسلم بين العصا الكبيرة والصغيرة ، ولا يستحق كل واحدة اسما غير العصا. ولم يوجب إلا الدية بهذا. وأما أبا قبيس فقد تقدم الجواب عنه. وأما الزنا فإذا جاء واحد إلى كل واحد من امرأة ورجل فقالا نحن زوجان بأى طريق يفرق بينهما أو يعترض عليهما ، لأن كل واحد منهما يدعى أمرا حلالا. ولو فتح هذا الباب لكان الإنسان كل يوم ، بل في كل ساعة يشهد على نفسه وعلى زوجه أنهما زوجان ، وهذا لم يقل به أحد من الأئمة وفيه من الحرج ما لا يخفى على أحد.
وروى عن إبراهيم بن عمر البرمكي إلى محمد بن أيوب بن المعافى البزاز قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : وضع أبو حنيفة أشياء في العلم مضغ الماء أحسن منها ، وعرضت يوما شيئا من مسائله على أحمد بن حنبل فجعل يتعجب منها ، ثم قال كأنه هو يبتدئ الإسلام.
أما جواب أحمد بن حنبل عن مثل هذا فقد تقدم ، ولو كان الأمر كما ذكر لبين المسائل حتى يعرف السامع أن الحق مع من وضعها أو مع من عابها.
وروى عن البرقاني إلى عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني قال سمعت القاسم ابن عبد الملك أبا عثمان يقول سمعت أبا مسهر يقول : كانت الأئمة تلعن أبا فلان على هذا المنبر ، وأشار إلى منبر دمشق. قال الفرهياني : وهو أبو حنيفة. أترى بأى شيء استدل الفرهياني على أن المراد بأبى فلان أبو حنيفة ، حتى كأن الكنى والكنايات اختصت به دون غيره. ومع هذا فإن أبا حنيفة لم يلعن على منبر دمشق ، وأما الذي ذكرة فلم يتعرض إليه إلا من وجب قتاله ، وإذا كان لأبى حنيفة أسوة بمن ذكره فما نريد شرفا أكثر من ذلك.
وروى عن الخلال إلى العباس بن عبد الله الترقفى قال سمعت الفريابي يقول : كنا في مجلس سعيد بن عبد العزيز بدمشق ، فقال رجل رأيت فيما يرى النائم كان النبي صلىاللهعليهوسلم قد دخل من باب الشرقي يعنى باب المسجد ، ومعه أبو بكر وعمر ـ وذكر غير واحد من الصحابة ـ وفي القوم رجل وسخ الثياب ، رث الهيئة فقال تدرى من ذا؟