يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم حديثا في الأحكام والدين ويخالفه ، بل إن كان الحديث صحيحا عمل به ، وإن كان ضعيفا وثم حديث آخر صحيح يشبهه عمل بهما ، ومن صح عنده عن النبيصلىاللهعليهوسلم حديث ولم يعمل به كان مخطئا ، وهذا لم ينقل عن أبى حنيفة كما نقل عن أحمد ومالك فإنهما رويا أحاديث وخالفاها. وحدث عن القاضي أبى الطيب طاهر بن عبد الله المطيري إلى عباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول : ـ وقال له رجل ـ أبو حنيفة كذاب. قال : أبو حنيفة أنبل من أن يكذب ، كان صدوقا إلا أن في حديثه ما في حديث الشيوخ أنظر إلى الخطيب اعتقد أن هذا مما يذم به أبو حنيفة ، فهل للمحدثين ولجميع العلماء إلا الشيوخ؟
وحدث عن عبيد الله بن عمر الواعظ إلى جعفر بن أبى عثمان قال سمعت يحيى ـ وسألته عن أبى يوسف وأبى حنيفة ـ فقال كان أبو يوسف أوثق منه في الحديث. قلت فكان أبو حنيفة يكذب؟ قال كان أنبل في نفسه من أن يكذب. من لا يكذب كيف يكون غيره أوثق منه؟ مع أن أبا يوسف رحمهالله لم يكن له شيء إلا من أبى حنيفة ، وقد تقدم قول أبى يوسف بقول أبى حنيفة في حكاية خاك يسر.
وروى عن البرقاني عن محمد بن العباس الخزاز إلى أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قال سمعت يحيى بن معين يقول : كان أبو حنيفة لا بأس به وكان لا يكذب. وسمعت يحيى يقول مرة أخرى : أبو حنيفة عندنا من أهل الصدق ولم يتهم بالكذب. ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء فأبى أن يكون قاضيا. هذا يحيى بن معين قد رددت أقواله في أبى حنيفة رضى الله عنه وتناقضت فإن ثبتت عنه هذه الطرق المروية كلها فلا اعتبار بقوله ، لأنه قد ثبت عنه قول الشيء وضده ، ولا بد أن يكون في أحدهما مبطلا. وإذا بطل في أحد القولين لم يصدق في الآخر.
وحدث عن العتيقى إلى نصر بن محمد البغدادي يقول سمعت يحيى بن معين يقول : كان محمد بن الحسن كذابا وكان جهميّا ، وكان أبو حنيفة جهميا ولم يكن كذابا. أصحاب أبى حنيفة أكثر من أن يحصوا في عصر من الأعصار ، وما ثبت عن أحد منهم مذهب الجهمية بل هم مجمعون على أن الصلاة خلف الجهمى لا تجوز ، وهؤلاء ثبتت بعشرة منهم خبر التواتر. والذي نقل عن يحيى بن معين إنما نقله الواحد عن الواحد ، وإذا قيس بمثل هذين في الأخبار النبوية رجح التواتر على الآحاد.
وحدث عن ابن رزق إلى محمد بن سعد العوفى يقول سمعت يحيى بن معين يقول :