هوبير كتب مفكراته في نهاية رحلته لجاء التفسير طبيعيا ، ولكن بما ان هذا الامر مستبعد بالتأكيد ، فلا بد من إيجاد تفسير آخر لهذه الشكوك.
عند ما نرى العناية الدقيقة التي دوّنت بها الملاحظات ، وعند ما نجد الاشارات الى محطات التوقف لدقيقتين او ثلاث دقائق ، لا يمكننا الاعتقاد بان الاغفالات المشار إليها ناتجة عن اهمال المؤلف. بل يمكن الافتراض بان هوبير كان يأمل بتوظيف المواد التي جمعها والتوسّع في استقرائها. كما يجدر ان ننسب الاهمال الذي يشوب الصياغة لجهة الأسلوب إلى السبب نفسه ، وهو إهمال ترك عمدا حتى عند ما كان بالامكان تصحيحه من دون خوف من ارتكاب خطأ.
ومع انه كان متآلفا جدا مع لغة العرب الذين كان يتجوّل بينهم ، الا ان إلمام هوبير باللغة الفصحى كان غير كاف. ففي دفتره الاول بدأ يكتب بنفسه اسماء البلدات بالأحرف العربية لكنه سرعان ما اكتشف مساوىء طريقة العمل هذه فقرّر لاحقا ان يسأل السكان الاصليين أنفسهم ليسجّل مباشرة على دفتره املاء الكلمات التي كان يسمع لفظها. الا ان الكتبة البدو الذين استعان بهم لم يكونوا ضليعين بلغتهم. فهم بالتأكيد لا يخطئون في لفظ الاحرف الصامتة التي تختلط بسهولة على الاوروبيين كالقاف والكاف مثلا ، ولكنهم في المقابل ، كانوا يرتكبون الخطأ الشائع جدا بين العرب الاميين بحذف اللام في أل التعريف أمام الاحرف الشمسية مكتفين بوضع الشدة على أول حرف صامت في الكلمة. كما كانوا يكثرون ويبالغون في استخدام الألف الProsthe ? tique ويحذفون الاحرف الصوتية الطويلة وبالعكس يطيلون بعض الاحرف الصوتية القصيرة.
كان من السهل تصحيح العدد الاكبر من هذه الاخطاء البسيطة ولكن في بعض الاحيان كان من المستحيل اعطاء القراءة الصحيحة. لذا ، بدا من المستحسن عدم اخضاع املاء الكتبة البدو لمراجعة صارمة. فمن شأن التصحيح الكبير الايحاء للقارىء بأنه يستطيع التذرّع بطريقة الكتابة المعتمدة في المفكرات لتصحيح الاملاء الوارد عند أحد المؤلفين العرب او عند رحّالة اوروبي آخر. ولكن هذا غير ممكن ، اذا لا يجوز تصحيح قواميسنا التي تكتب اسم نبتة صحراوية «ضومران» ، وهي نوع من النعناع البري ، بحجة ان مفكرات هوبير أوردتها بشكل «ضمران».
كما اننا لم نر من المفيد اخضاع طريقة الكتابات الفرنسية المعتمدة من قبل هوبير لانتظام تام. اذ لم يكن بإمكاننا التأكد من ان تمثيل الهاء في نهاية الكلمة تارة بالy وتارة اخرى بال e ? h أو الah على سبيل المثال ، لا يعود الى رغبة الرحّالة في تسجيل تنوّع اللفظ الذي كان يسمعه ، فتنظيم هذه الاختلافات انه يرى ضرورة في ذلك. هناك بالتأكيد