السيد اوتينغ في المفكرات التي ننشرها؟ هذا ما لم يكن في وسعنا تقصيه. اننا لا نكفل سوى أمر واحد ، وهو ان الاشخاص الذين سيستخدمون هذا الكتاب يمكنهم ان يركنوا اليه كما لو انه من مدوّنات هوبير الاصلية. وسيقول السيد اوتينغ ، اذا رأى ذلك مناسبا ، ما كانت حصته في العمل المشترك. لقد كانت رشمات النقوش النبطية بحوزته. وقد نشر كتابه Nabatoeische Inschriften بالاستناد الى هذه الرشمات (١). وإذ رغب السيد دوفوغيه ، مفوّض الجزء الارامي من الCorpus inscriptionum semiticarum استخدام هذه الوثائق الثمينة لإنجاز الملزمة المقبلة ، فقد سارع السيد اوتينغ الى ارسالها لنا ومن دواعي سرورنا ان نشكره على ذلك.
في تنفيذ عملنا بالتحديد ، واجهتنا صعوبات مع كل خطوة. فالسيد هوبير لم يكن فقيها لغويا بالمهنة. وفي نقل الكتابات لم يكن مصرّا على التوافق مع نفسه دائما. وأخيرا ، أفسحت الصياغة المستعجلة للمفكرات المجال للكثير من التردّد. فإذا لم نأخذ بعين الاعتبار سوى انتظام الخط ، وتماثل لون الحبر والعناية التي رسمت بها الرسمات وكتبت بها النقوش ، لحملنا ذلك على الاعتقاد بان السيد هوبير استفاد من احدى إقاماته في حائل او في جدة لكتابة يومياته. وفي الواقع ، لا يبدو انه بامكان مسافر ايجاد ترتيب ملائم لتنفيذ أعمال بهذا الوضوح خلال تجواله في مناطق صحراوية. ولكن لا مجال للشك ، فقد وضعت المفكرات بالشكل النهائي يوما بيوم تقريبا. وهذا ما يحرص المؤلف على ذكره في مناسبات مختلفة. وإذا اعترف أحيانا بتأخره بضعة أيام في عمله ، بدا وكأنه يعتذر لا خلاله بالبرنامج الذي خطّه لنفسه. من جهة أخرى ، يصرّح قطعا بان مفكراته الخمس قد أرسلت الى باريس في ٢٧ حزيران ١٨٨٤ من مرفأ جده الذي وصل اليه في ٢٠ من الشهر نفسه ، مما يجعل فرضية صياغة يوميات رحلته في هذه المدينة أمرا مستحيلا عاما.
ان الملاحظات السابقة تجيب فكرة تخطر على البال ازاء الكلمات التي تركت مواضعها بيضاء في مخطوطة هوبير. واننا في الواقع نتساءل كيف ان المؤلف الذي لا يزال موجودا في الموقع والمحاط بمرشديه من سكان البلاد لم يستطع اعادة تركيب اسماء عدة بلدات بالاستعانة بذاكرة الاشخاص الذين يحيطونه. صحيح ان الاسم مكتوب بالرصاص أحيانا ، ولكن في الغالب نجد الثغرة كاملة أو يملأها جزء من الكلمة كتب بالحبر. فلو ان
__________________
(١) اوتينغ Nabatoeische Inschriften aus Arabian ,Euting برلين ١٨٨٥. كانت هذه النقوش قد نشرت قبل ذلك بالإستناد إلى رشمات السيد دوتي في Notices et extraits des manuscrits لأكاديمية النقوش وعلم الأدب القسم الثاني ، (نشرت في طبعة مستقلة صدرت عام ١٨٨٧)