في التاسع والعشرين ، ولدى وصول محمود الى محطة الاستراحة ، وجد الجميع في المكان ورأى المرشدين يؤديان الصلاة والسيد هوبير ممددا على مسافة قريبة تحت معطف عربي. فاعتقد ان سيّده نائم وشرع ينزل حمولة الجمال. فجأة شعر بندقيتين مصوّبتين الى صدره وسمع صوت أحد المرشدين يقول له : «حذار ، إلق سلاحك وإلّا عاملناك كسيّدك ههنا لدى أدنى حركة عدائية». فنظر ورأى السيد شارل هوبير ممددا على الجانب الايسر بينما كامل الجانب الأيمن من الرأس مدمّى ، لكن الوجه هادىء ومرتاح وكأنه نائم. من المرجّع ان تكون طلقة مسدّس أطلقت من مسافة قريبة جدا فيما هو نائم ، هي التي حتّمت الموت.
بقي محمود أسير المجرمين مدة يومين ثم تمكن من الفرار. فتوجّه الى المدينة ثم الى حائل وعاد أخيرا الى جدّة ليضع نفسه بتصرّف نيابة القنصلية الفرنسية المكلّفة بمتابعة انزال العقوبة بالمجرمين. وهو لا يزال فيها.»
بقيت جثّة السيد شارل هوبير معرّضة للهواء بضعة أيام وقيل ان بعض المارة حفروا أخيرا حفرة ودفنوه فيها.
وبعناية جديرة بخالص الثناء ، تسلّم السيد دو لوستالو ذخيرة الميت. وبعد سنة وفي خضم صعوبات جمة تمّ التغلّب عليها بالاصرار على العمل وبالرغم من نقص لا يصدّق في الامكانيات ، سلّم السيد دو لوستالو وزير التربية العامة حجر تيماء الجدير بان يقارن من حيث قدمه وأهميته بنصف ميشا (١). وعند ما درست لجنةCorpus inscriptionum semiticarum وأمين عام الجمعية الجغرافية الملاحظات ، فقد أقرّوا أهميتها البالغة حتى بعد نشر عدد كبير من النصوص النقوشية المدوّنة فيها (٢). وبالفعل ، لا يتناول هذا النشر سوى جزء من النقوش النبطية ، أما النقوش من النوع الصفيتي (Safai ? tique) فلم تمسّ ، كما وان الناحية الجغرافية من العمل تحتفظ بكامل جدّتها. مما حدا بالجمعية الآسيوية والجمعية الجغرافية ان تتولى طباعة هذه المفكرات. وقد قامت المطبعة الوطنية ووزارة التربية العامة بسخائهما المعهود بتسهيل مشروع لا اعتبار فيه إلّا للمصلحة العلمية.
الى ذلك ، كانت مهمتنا محدّدة بوضوح ، اذ كان المطلوب منا ان نعيد نشر الدفاتر الصغيرة الخمسة التي وضعت بين أيدينا كما هي بالضبط. خلال جزء من رحلته الثانية ، اصطحب السيد هوبير السيد اوتينغ ، وهو عالم يتمتّع بتقدير. فإلى أي مدى امتد تعاون
__________________
(١) ,Journal des de ? bats ٢٦ كانون الأول ١٨٨٤.
(٢) أنظرCorpus inscriptionum semiticarum ، الجزء الثاني ، النقوش الآرامية ، ص ١٠٧ والصفحات اللاحقة.