تنبيه الناشرين الفرنسيين (*)
في ٢٩ تموز ١٨٨٤ ، قضى الرحّالة المقدام الذي ننشر له اليوم بيانات رحلاته ومفكراته اغتيالا. فمنذ عام ١٨٧٤ ، وما ان بلغ السابعة والثلاثين من العمر ، حتى وقع اختيار شارل هوبير المدفوع بشغف الاستكشافات الجغرافية على الجزيرة العربية. وكان قد قام برحلة استكشافية أولى من ١٨٧٨ الى ١٨٨٢ دونت نتائجها في نشرة الجمعية الجغرافية (١). (Le BulleTin de la Societe de Geographie). ما شاهده في هذه الرحلة أثار فيه رغبة جامحة بإعادة الكرة. كان نقش تيماء بوجه خاص ، الذي اكتشفه منذ عام ١٨٨٠ ، يقضّ مضجعه. وفي حزيران ١٨٨٣ ، انطلق من جديد برعاية وزارة التربية العامة وأكاديمية النقوش والآداب والجمعية الجغرافية ، فتوقّف فترة في دمشق ، وزار حائل مجددا وحصل على حجر تيماء ثم انكفأ الى جدّة واثقا من كنزه هذه المرة.
وحدها رسالة من السيد دولوستالو ، قنصل فرنسا في جدّة (٢) تعطينا بعض التفاصيل عن النهاية الغامضة التي وضعت حدا لمجرى هذه الحياة التي كان مبدأها الطاغي الجرأة البالغة حدّ المجازفة.
«اغتيل السيد هوبير في ٢٩ تموز ١٨٨٤ خلال رحلة علمية على أيدي المرشدين اللذين اختارهما للاستدلال على الطريق.
وقد شكلت الرغبة في الاستيلاء على اسلحة الضحية وأغراضه الثمينة دافع الجريمة. كان هوبير قد غادر جدة في ليل ٢٦ الى ٢٧ تموز برفقة خادمه محمود ودليليه. وكان محمود يتبع الطريق ويقود الجمال المحمّلة بالأمتعة بينما يبتعد السيد هوبير ومرشداه باستمرار عن الطريق تارة الى اليمين وتارة الى اليسار ، إمّا لتدوين بعض الكتابات القديمة أو لنقل رسم او لتسجيل ملاحظة علمية. ثم يتم اللقاء في المنطقة المحددة للتوقف لتناول بعض الطعام وأخذ قسط من الراحة. وانقضى يوما ٢٧ و ٢٨ تموز بلا عائق.
__________________
(*) مقدمة كتاب" يوميات رحلة في شبه الجزيرة العربية" الذي صدر في باريس سنة ١٨٩١ وتضمن ما خلفه شارل هوبير من ملاحظات وكتابات ورسوم. وقد رأينا ترجمتها لما فيها من معلومات مفيدة للقارىء.[الناشر].
(١) الفصل الثالث لعام ١٨٨٤ ، ص ٢٨٩ ـ ٣٦٣ ، ٤٦٨ ـ ٥٣١
راجع ف. برجيه" الجزيرة العربية قبل النبي محمد بالإستناد إلى النقوش" باريس ، ١٨٨٥ ، ص ٢٢ ـ ٢٣
(٢) المذكرة الوحيدة التي نشرت عن هوبير وردت في رأس كتالوج بيع مكتبته الذي صدر عام ١٨٨٥ في ستر سبورغ عند المكتبي بيغان. وتتضمن بعض النسخ من هذا المنشور وصورة ليتوغرافية لهوبير.