اقتربنا من كاف التي وصلناها في اليوم التالي من ١٧ مايو (أيار) قرابة المساء ، كنا قد مشينا معظم الليل.
الكاف
ويقدم الرحالة سيتزن, (Seetzen) استنادا إلى أحد أدلائه ، يوسف الملكي ، خط سير يضع كاف على مسافة خمسة أيام سير من البصرة. إلا أننا نلاحظ الخطأ فورا لدى ذكر اترا وقراقر على أنهما تقعان قبل كاف.
بالمقابل ، فإن سيتزن يعطينا المعلومات الأولى التي نملكها عن هذا المكان ، حيث يقول إن كاف هي قصر بات أطلالا على قمة تلة محاطة كليا بمستنقع يمنع الاقتراب منه. ويوجد هنا بعض الآبار وشجر نخيل بري لا يثمر.
كنت قد علمت لدى وصولي عند الدروز ، بأن كاف هي اليوم قرية صغيرة مأهولة وقد حمّلني شيخ الدروز ، نجم الأطرش ، رسالة الى شيخها.
عند ما وصلنا إلى الواحة كنت بالطبع ضيف دليلي محمد ، ولكن نظرا الى فقره وفقر أهله ، عرض علي بنفسه منذ اليوم التالي إسكاني عند الشيخ الذي كان ينتظر إستضافتي عنده.
عبد الله الخميس (١) شيخ كاف ، رجل في الخمسين من عمره تقريبا (هو نفسه يجهل عمره بالضبط) يدل غياب العضل وملامحه الهزيلة والنافرة على أنه بدوي الأصل. بشأن تاريخ القرية أخبرني عبد الله بأن والده ، دغيري الخميس ، كان أول من استقر فيها قبل خمسين عاما لما كان هو عبد الله لا يزال طفلا صغيرا. أما أنّ ينابيع المكان العديدة الصغيرة كانت تشكل آنذاك مستنقعا عند سفح التلة كما قال يوسف الملكي ، فأمر لم يعد عبد الله يتذكره. ومهما يكن من أمر فإن الينابيع الاثني عشرة الموجودة هنا باتت كلها تحبس في أحواض صغيرة. وإذا قست في الرابعة صباحا
__________________
(١) الليدي آن بلانت تسمية عبد الله الخميس.