رعاياه له. فقد افتدى شخصه الثمين مقابل ألفين وثمانمئة جمل ، وأربعمئة درع وما يعادلها من الرماح وحضر شخصيا أمام النبيل في المدينة بثوب من الحرير والذهب وقد علق صليبا من الذهب على صدره. واعتنق الإسلام هو وشعبه وحافظ على عرشه بدفع الجزية (١).
وبحسب ما اورده بعض المؤلفين فإن الجوف كغيرها من البقاع ضمت سكانا بدلوا مرارا معتقداتهم الدينية عبر التاريخ ، وتنقلوا من الوثنية الى اليهودية فالنصرانية وأخيرا الإسلام.
اعتبارا من ذلك الزمن فقدت الجوف دورها ولم يعد الجغرافيون العرب الإدريسي وياقوت أو حمداني يذكرونها إلا بالاسم.
في أواخر القرن الماضي ، ضمت الجوف الى الوهابيين بعد ان شهدت حربا أهلية وأرسل إليها ابن سعود حاكما لوقف الاضطرابات وخطباء لتوعية الناس.
وجاء تدمير الامبراطورية الوهابية على يد محمد علي ، باشا مصر ، فعادت الفوضى الى الجوف. وقد دام هذا الوضع حتى عام ١٨٣٨ وهي الحقبة التي احتل فيها عبد الله بن الرشيد مجددا الجوف لحسابه الخاص لدى قيامه بنجدة مواطنيه شمّر الذين كانوا في صراع مع سكان سوق دلهميةDelhemiat المقيمين في حي الخراوي وكانوا قد أصبحوا في فترة معينة الأكثر ضعفا. وبذلك وفق بين الجميع.
كان هذا الوضع الجديد ضاغطا على الجوفيين وما أن أدركوا ضعف حكم ابن سعود حتى فكروا في استغلاله لاسترداد استقلالهم. فثاروا وطردوا الأمير الشمّري. ومن المرجح أن يكون الرولاRouala قد دفعوهم إلى ذلك إذ إن قبيلتي نايف وشعلان كانتا منذ أمد بعيد تستفيدان من ضريبة صغيرة من الجوف كما وأنهم إلى جانب عداوتهم الدائمة لشمّر لم يكونوا يوما حتى في عصرهم الذهبي أصدقاء الوهابيين.
ومهما يكن من أمر فإن الأمير الشمّري طلال بن رشيد الذي كان يحكم آنذاك لم
__________________
(١) ذكر ابن هشام في السيرة النبوية ج ٢ أن رسول الله [صلىاللهعليهوسلم] بعث خالدا بن الوليد الى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة وكان نصرانيا ثريا ، فترصد له خالد وانقض على فرسانه فقتل أخاه ، وأسر أكيدر وأرسله الى النبي محمد [صلىاللهعليهوسلم] : «فحقن دمه ، وصالحه على الجزية ، ثم خلى سبيله فرجع الى قريته». ابن هشام : «السيرة النبوية» ج ٢ ص ٥٢٦.