الغابرة. مما يفسر بشكل طبيعي تناقص السكان فتعدادهم لم يعد كما كان عليه في سالف الزمان.
في الشرق حيث لا يوجد أي إحصاء ، يجري تقدير عدد سكان بلدة ما ، تبعا لعدد مواقد النار أو لعدد البالغين الذين يستطيعون حمل البندقية أو بالاستناد إلى المعلومات التي يمكن الحصول عليها. كل هذه الوسائل تسمح بالتوصل إلى تعداد تقريبي عند ما يمكن اللجوء الى هذه الأساليب. وعلى العموم يمكن استعمالها في كل مكان إلا في بلد عربي حيث أي سؤال بهذا الصدد يثير الشكوك دائما.
هناك وسيلة تخمين طريفة إلى حد ما ودقيقة جدا لم أر أي رحالة يذكرها إنما لا يمكن استعمالها بيقين إلا في نجد نفسها ، وهي الاستعلام عن عدد الأماكن في الجامع الرئيس.
أحدى النقاط الأساسية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو أداء صلاة الظهر يوم الجمعة التي تقام في الجامع. اما الصلوات الأربع الأخرى ليوم الجمعة وصلوات أيام الاسبوع الأخرى تقام في المساجد الموجودة في كل سوق ، وقد شجع ذلك إنشاء جوامع في شبه الجزيرة العربية الوسطى بحيث وسع البناء ليستوعب جميع الذكور البالغين. وعلى العموم الجميع يعرف عددهم ، وعلاوة على ذلك فإن كل واحد منا يستطيع تقدير العدد بنفسه ؛ بما أننا نعرف أن الناس يقفون جنبا إلى جنب في صفوف تتباعد فيما بينها بمسافة ٧٠ ، ١ متر تقريبا. إذا كان كل رجل يشغل بالضبط في الجامع المساحة التي يحتاج إليها لينام ، فلنقسم مساحة الجامع الكاملة على هذا المستطيل ونحصل على عامل صالح لعدد السكان.
على أن هذا الأسلوب لا يمكن تطبيقه في الجوف تحديدا. ذلك أنه على الرغم من وجود جامع في قصر الحاكم إلا أنه يتعذر على كثير من السكان الوصول إليه.
أول رحالة خمّن عدد السكان من دون أن يزور الجوف هو وليم بوركهاردت. وذكر سبع أسواق بمعدل مئة بيت لكل سوق أي ٦٠٠٠ نسمة في الحد الاقصى. بلجريف قدرها عام ١٨٦٢ ب ٣٤٠٠٠ نسمة وبعد سنتين قدرها كارلو غوارماني عام ١٨٦٤ ب ٦٠٠٠ نسمة مع ثلاث عشرة سوقا.
بناء على ما عرفته خلال إقامتي في الجوف وفي الجبل فيما بعد ، هناك ١٥٠٠ بندقية تقريبا ومع ذلك فأنا لا أعتقد أنه يمكن تقدير سكان الجوف بأكثر من ١٢٠٠٠ نسمة.