الدليل اسمه محارب وهو رجل مسن صغير القامة ضامر الجسم بوجه" مهرج" يرافقه صهره صايل. وهما من الجوف وقد اجتازا النفود مرارا.
نحو النفوذ
في الأول من يونيو (حزيران) نهضنا جميعا قبل الفجر بوقت طويل ، وبدأنا ملء القرب ، وتجهيز المؤن في أكياس ، وآخر التوصيات ووداع الأهل والأصدقاء ، وبالأخص التردد الشديد الذي ينتاب العربي دائما لحظة الغياب في رحلة طويلة جعلت مسيرتنا تتأخر حتى السادسة والنصف صباحا.
وما أن خرجنا من وادي الجوف ، أي بعد ربع ساعة ، حتى وصلنا إلى هضبة حجرة ليست سوى تكملة للهضبة الممتدة من شمال الواحة حتى آبار جراوي. وبعد نصف ساعة من السير على هذه الهضبة تراءى لنا في البعيد أمامنا خط أبيض في البدء ثم تحوّل إلى لون الزهر الباهت لدى اقترابنا منه. إنه النفود! لقد بلغناه في ساعة ونصف الساعة.
كل من قرأ وصف النفود بقلم جيفورد بلجريف (١) يتذكر اللوحة المحبطة التي يعكسها الرحالة الإنكليزي عن هذه الصحراء. يقول : " لكثرة ما سمعنا من روايات عن النفود رواها لنا البدو وغيرهم ، بتنا نتوقع أشياء رهيبة ، لكن الواقع تجاوز في هوله كل ما روي لنا وكل ما تخيّلناه". ثم يصف الصحراء وصفا خياليا. فالصحراء عنده مجرد تلال رمال متحركة بارتفاع يتراوح ما بين ٢٠٠ و ٣٠٠ قدم. لا ترى العين من قممها سوى بحر هائل من نار. وقال : " يمتد أمامنا سهل شاسع تكوم رمله الاحمر في تلال يبلغ ارتفاعها ما بين ٢٠٠ و ٣٠٠ قدم تسري متوازية من الشمال إلى الجنوب. وتشهد منحدراتها المائلة وقممها المدورة بأخاديدها العميقة في كل الاتجاهات على عنف عواصف الصحراء. يبدو المسافر وكأنه سجين في هاوية من الرمل ترتفع من
__________________
(١) W, G. Palgrave. Une anne ? e de voyage dans l\'Arabie Centrale) ٢٦٨١ ـ ٣٦٨١ (. Paris. Hachette Cie.
المجلد الأول ، ص ٨٧. ١٨٦٦