حوله أسوار التلال الحارقة ، وإذا نظر أمامه فهو لا يرى سوى بحر واسع من نار تنفخه السموم التي ترفع أمواجه المحمرة إلخ ...".
لذا فقد كانت مفاجأتي سارة لدى اكتشافي أن في كل هذا مبالغة متمادية وأن اجتياز النفود متعب للإبل على أبعد حدود ولكنه إلى جانب هذه النقطة السلبية يتمتع بميزات عديدة تحدوني إلى الاعتقاد بأنه لا يوجد بدوي واحد لا يفضل النفود على أي صحراء أخرى.
وتكمن ميزة النفود في أفلاجه (١) إلى جانب كونه صحراء ذات رمل صاف كليا لا يشوبه أي خليط من التراب أو الحصى أو أي مادة غريبة أخرى. والفلج في النفود هو تقعير بشكل نصف بيضاوي ينغرز عند انعطافه عميقا في الرمل. ويشبه إلى حد بعيد الأثر الذي يتركه حافر حصان عملاق ، هذا الحافر المفرغ قليلا من تحت على شكل قوس دائرة يبلغ قطره ما بين ٣٠٠ و ٤٠٠ متر ويغوص عند رأسه فقط إلى ٥٠ ، ٦٠ ، ٧٠ وحتى ٨٠ مترا في الرمل. والوجهة هي وجهة سير هذا الحصان باتجاه الشمال ـ الغربي. إن انحدار الجدران الداخلية لنضوة الحصان مدهش بسبب نعومة الرمل. فهو يبلغ ما بين ٥٠ و ٦٠ درجة. لذا فإن أصغر شيء يرمى على هذا المنحدر يتدحرج إلى الاسفل مثيرا جرفا رمليا. ولكن على الرغم من إحتمال انهيارات متواصلة ، يبقى الفلج ثابتا ويحافظ باستمرار على مظهره. بعض هذه الأفلاج تخرق كل سماكة طبقة الرمل وتكشف في القعر تارة تربة صلصالية وتارة أخرى صخورا وحجارة كلسية وصوانية ، ويمثل فلج عيون قفيعة وفلج البيضا المسجلتين على الخريطة هذه الحالة بالتحديد وهما في الوقت عينه من أعمق الأفلاج.
بناء على هذا الوصف ندرك مغالطة وصف بلجريف ، فنزول وصعود هذه الأفلاج غير وارد ، ذلك أن منحدر جدرانها لا يسمح بالصعود ولا بالنزول. والطريق التي تسلك تلتف حولها أو تجتازها من الوراء عند وتر القوس.
تعلو عددا كبيرا من الأفلاج وعموما الكبيرة منها ، في الغرب وفي الغالب في الجنوب الغربي قمة عالية من الرمل متوجة هي الأخرى بقمة بارتفاع ٣ إلى ٤ أمتار وعرة
__________________
(١) لقد احترمنا كتابة السيد هوبير ، إذ يفترض كتابةFouldj مع المصوت القصير. ـ Fouldj فلج وبالجمع الأفلاج.Afladj هو اسم منطقة في نجد ، وهي كلمة عربية نجدها بصيغة فلجةFeldja مطبقة على نفس العارض الأرضي في المدونة الطوبوغرافية لعرب الصحراء لقسطنطين [التحرير]