الأوّلان بليّن لأنّهما محسوسان بالبصر واللّيّن ليس كذلك فتعيّن الثالث ؛ وكذلك الجسم الصلب هو الذي لا ينغمز. وهناك أمور : الأول عدم الانغماز وهو عدمي. والثاني الشكل الباقي على حاله وهو من الكيفيات المختصّة بالكميات. والثالث المقاومة المحسوسة باللّمس وليست أيضا صلابة لأنّ الهواء الذي في الزّقّ المنفوخ فيه (١) له مقاومة ولا صلابة له ، وكذا الرياح القويّة لها مقاومة ولا صلابة فيها.
والرابع الاستعداد الشديد نحو اللاانفعال فهذا هو الصّلابة فتكون من الكيفيات الاستعدادية كذا في شرح المواقف ، فحينئذ أيضا بينهما تقابل التضاد ويجيء ما يتعلّق بذلك في لفظ اليبوسة.
والصّلابة عند الأطباء اسم مرض وسبق بيانها فى لفظ السرطان.
الصّلاة : [في الانكليزية] Prayer ـ [في الفرنسية] Priere
هي فعلة من صلى وإنّما كتب بالواو التي أبدل منها الألف لأنّ العرب تفخّم أي تميلها إلى مخرج الواو ، ولم تكتب بها أي بالواو في غير القرآن. ثم هي اسم لمصدر غير مستعمل وهو التّصلية يقال صلّيت صلاة ولا يقال تصلية ، مأخوذة من الصّلا وهو العظم الذي عليه الأليتان. وذكر الجوهري أنّ الصلاة اسم من التّصلية ، وكلاهما مستعملان ، بخلاف الصلاة بمعنى أداء الأركان فإنّ مصدرها لم يستعمل انتهى. وقيل أصل الصلاة صلاة بالتحريك قلبت واوها ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، وتلفظ بالألف وتكتب بالواو إشارة إلى الأصل ، مثل الزكاة والحياة والرّبا ، كذا في كليات أبي البقاء. فقيل الصلاة حقيقية لغوية في تحريك الصّلوين أي الأليتين ، مجاز لغوي في الأركان المخصوصة لتحريك الصّلوين فيها ، استعارة في الدعاء تشبيها للداعي بالراكع والساجد في التخشّع وفي المغرب إنّما سمّي الدعاء صلاة لأنّه منها. والمشهور أنّ الصلاة حقيقة في الدّعاء لغة مجاز في الرحمة لأنّها مسبّبة من الدّعاء ، وكذا في الأركان المخصوصة لاشتمالها على الدّعاء ، وربّما رجّح لورود الصلاة بمعنى الدّعاء قبل شرعية الصلاة المشتملة على الركوع والسجود ، ولورودها في كلام من لا يعرف الصلاة بالهيئة المخصوصة. وقيل الصلاة مشتركة لفظية بين الدّعاء والرّحمة [فيكون] (٢) والاستغفار ، وقيل بين الدّعاء والرّحمة فيكون الاستغفار داخلا في الدّعاء. وبعض المحقّقين على أنّ الصلاة لغة هو العطف مطلقا. لكنّ العطف بالنسبة إلى الله سبحانه تعالى الرّحمة وبالنسبة إلى الملائكة الاستغفار وبالنسبة إلى المؤمنين دعاء بعضهم لبعض فعلى هذا تكون مشتركة معنوية ، واندفع الإشكال من قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (٣) ، ولا يحتاج في دفعه إلى أن يراد به معنى مجازي أعمّ من الحقيقي وهو إيصال النفع. فالإيصال واحد والاختلاف في طريقه.
وفي التاج الصلاة من الله الرّحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن المؤمنين الدّعاء ومن الطّير والهوام التسبيح انتهى.
اعلم أنّ معنى قولنا صلّ على محمد عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإبقاء شريعته ، وفي الآخرة بتضعيف أجره وتشفيعه في أمّته كما قال ابن الأثير. ولذا لا يجوز أن يطلق بالنسبة إلى غيره إلاّ تبعا. وقيل الرحمة. وقيل معنى الصلاة على النبي الثّناء الكامل إلاّ أنّ ذلك ليس في
__________________
(١) فيه (م).
(٢) فيكون (+ م ، ع).
(٣) الاحزاب ٥٦.