تصدير
للدكتور إبراهيم مدكور
لسنا فى حاجة أن ننوه بعظم ثقافة ابن سينا ، فقد كان فيلسوفا وصوفيا ، عالما وطبيبا. كتب فى المنطق والميتافزيقى ، فى الأخلاق والسياسة ، فى أحوال العارفين ومقاماتهم. وكتب أيضا فى الطب والكيمياء ، فى الطبيعة وعلم الأحياء ، فى الجيولوجيا وعلم المعادن ، فى الفلك والرياضة. وكتاباه" الشفاء" و" القانون" خير شاهد على ثقافته الواسعة.
استوقفت فلسفته وتصوفه الباحثين منذ عهد بعيد ، وكتب عنهما شرقا وغربا ، وبلغات مختلفة. أما علمه وطبه فلم ينالا بعد حظهما من الدراسة ، وقد وجّه النظر إليهما غير مرة. وعلى الأخص فى ربع القرن الأخير بمناسبة ذكرى وفاته ومولده التي أثارت بحوثا كثيرة ، وحفزت إلى دراسات عدّة ، وحتى فى هذه الذكرى كان نصيب العلم والطب ضئيلا بالنسبة إلى الجوانب الأخرى. والواقع أن تاريخ العلوم فى الإسلام لا يزال فى حاجة ماسة إلى أن يحقق ويكتب من جديد ، وما أجدره أن تتضافر عليه جهود شتى. وتكاد تعدّ الصفحات الخالدة التي وقفها عليه ابن خلدون فى" مقدمته" مصدرنا الأول فى العربية ، وبخاصة فى تاريخ العلوم الطبيعية.
وليس شىء أعون على معرفة ابن سينا العالم والطبيب من نشر مؤلفاته العلمية والطبية. وفى طبيعيات" الشفاء" ورياضياته أبواب من العلم فيها عمق ودقة ،