وجدّة وطرافة ، وليست فى متناول كثيرين. وها نحن أولاء نتابع نشرها ، ويوم أن تنشر وتقرأ ستقود إلى ألوان من البحث والدرس. وكم نودّ أن ينشر" كتاب القانون" نشرا علميا محققا ، وسبق أن اتخذت فى ذلك قرارات لم تنفّذ بعد.
وينصب الفن الخامس من الطبيعيات الذي نخرجه اليوم على" الكائنات التي لا نفس لها من المعادن والآثار العلوية وما يشبهها (١) " ، ففيه جيولوجيا ومعادن ، وجغرافيا طبيعية. وفى الجيولوجيا يعرض ابن سينا للجبال ، والزلازل ، والمعادن ، وفى حديثه عنها يدلى بملاحظات دقيقة وآراء واضحة تكاد تلتقى فى أغلبها مع أسس الجيولوجيا الحديثة. ولا يفوته أن يناقش أصحاب الكيمياء الذين يدّعون أن فى وسعهم" أن يقلبوا الأنواع قلبا حقيقيا (٢) " ، ملاحظا أن كل ما يملكون أن يضيفوا إليها ألوانا وأصباغا ، أما خصائصها ومميزاتها الذاتية فلا سبيل إلى تغييرها. وخطأ ما يظن أن فى الإمكان تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة (٣). وكان لمناقشته هذه أثرها فى تاريخ الدراسات الكيميائية فى الشرق والغرب (٤).
وفى الجغرافيا يتحدث عن الماء واليابس ، وخط الاستواء ومدارى السرطان والجدى والقطب الشمالى والجنوبى ، والرياح ، والسحاب ، والرعد والبرق ، والصواعق والشهب. والسحاب" جوهر بخارى متكاثف طاف فى الهواء (٥) " ، تتحكم فيه الرياح ، فإما أن يصعد إلى الطبقات العليا فيزداد تكاثفا ، وإما أن يهبط
__________________
(١) ابن سينا ، الطبيعيات ، الفن الخامس ، المعادن والآثار العلوية ، القاهرة ١٩٦٤ ، ص ٩.
(٢) المصدر السابق ، ص ٣٠.
(٣) المصدر السابق ، ص ٣١.
(٤) I. Madkour, Avieenne et PAlchimic, Revue du Caire, p. ١٢٧ ـ ١٢٩, ١٩٥١
(٥) ابن سينا المعادن والآثار العلوية ، ص ٤٣.