ابن عبد الله حين عضل بنت عم له. والوجه أن يكون خطاباً للناس ، أى لا يوجد فيما بينكم عضل ، لأنه إذا وجد بينهم وهم راضون كانوا في حكم العاضلين. والعضل : الحبس والتضييق. ومنه : عضلت الدجاجة إذا نشب بيضها فلم نخرج. وأنشد لابن هرمة :
وَإنَّ قَصَائِدِى لَكَ فَاصْطَنِعْنِى |
|
عَقَائِلُ قَدْ عَضُلْنَ عَنِ النِّكَاحِ (١) |
وبلوغ الأجل على الحقيقة. وعن الشافعي رحمه الله : دلّ سياق الكلامين على افتراق البلوغين (إِذا تَراضَوْا) إذا تراضى الخطاب والنساء (بِالْمَعْرُوفِ) بما يحسن بالدين والمروءة من الشرائط وقيل : بمهر المثل. ومن مذهب أبى حنيفة رحمه الله أنها إذا زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها فللأولياء أن يعترضوا. فإن قلت : لمن الخطاب في قوله (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ)؟ قلت : يجوز أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل أحد. ونحوه (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ). (أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) من أدناس الآثام : وقيل (أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) أفضل وأطيب (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما في ذلك من الزكاء والطهر (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ، أو والله يعلم ما تستصلحون به من الأحكام والشرائع وأنتم تجهلونه.
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٢٣٣)
(يُرْضِعْنَ) مثل يتربصن في أنه خبر في معنى الأمر المؤكد (كامِلَيْنِ) توكيد كقوله : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) لأنه مما يتسامح فيه فتقول : أقمت عند فلان حولين ، ولم تستكملهما. وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما : أن يكمل الرضاعة : وقرئ الرِّضاعة. بكسر الراء. والرضعة. وأن تتم الرضاعة وأن يتم الرضاعة ، برفع الفعل تشبيهاً ل «أن» ب «ما» لتأخيهما في التأويل. فإن قلت : كيف
__________________
(١) العقائل : جمع عقيلة ، وهي المعقولة في خدرها من النساء. يقول : إن قصائدى لك مثل المخدرات ، فلك : حال من القصائد أو العقائل. وقوله «فاصطنعنى» اعتراض ، أى فاتخذني مادحا وكافئنى على مدحي إياك بما لا أمدح به غيرك من القصائد. ولما شبه القصائد بالنساء رشح ذلك بالعضل ، وهو المنع من النكاح الخاص بالنساء.