ويقدر. و (الْقَيُّومُ) الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه. وقرئ : القيام ، والقيم. والسنة : ما يتقدّم النوم من الفتور الذي يسمى النعاس. قال ابن الرقاع العاملي :
وَسْنَانُ أقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ |
|
فِى عَيْنِهِ سِنَةٌ وَلَيْسَ بِنَائِمِ (١) |
أى لا يأخذه نعاس ولا نوم وهو تأكيد للقيوم ؛ لأنّ من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيوما.
ومنه حديث موسى : أنه سأل الملائكة وكان ذلك من قومه كطلب الرؤية : أينام ربنا؟ فأوحى الله إليهم أن يوقظوه ثلاثا ولا يتركوه ينام ، ثم قال : خذ بيدك قارورتين مملوءتين. فأخذهما ، وألقى الله عليه النعاس فضرب إحداهما على الأخرى فانكسرتا ، ثم أوحى إليه : قل لهؤلاء إنى أمسك السموات والأرض بقدرتي ، فلو أخذنى نوم أو نعاس لزالتا (٢) (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) بيان
__________________
(١) لو لا الحياء وإن رأسى قد عثى |
|
فيه المشيب لزرت أم القاسم |
وكأنها بين النساء أعارها |
|
عينيه أحور من جآذر جاسم |
وسنان أقصده النعاس فرنقت |
|
في عينه سنة وليس بنائم |
لعدي بن الرقاع في تشبيب مدح الوليد بن عبد الملك. وعن الأصمعى : أنه لأحمد بن الرقاع. وعثى يعثى كسعي يسعى ، وعاث يعيث كعاش يعيش : سار على وجه الإفساد. وروى «عسى» بالسين أى ظهر وانتشر واشتد ، فعسى هنا تامة لا ناقصة. وأم القاسم : كنية محبوبته. وبين النساء : أى دون النساء ، وقد روى كذلك أيضا. و «أحور» فاعل «أعار» والحور : صفاء سواد العين وبياضها. والجآذر : جمع جؤذر وهو ولد الظبية. وجاسم : موضع بعينه. ووسنان : نعت أحور. وأقصدت الرجل : إذا طعنته فلم تخطئ مقتله ، أى أصابه النعاس وهو ما يتقدم النوم من الفتور والغفلات. ورنق الماء : كدر. وترنق : تكدر. ورنقه وأرنقه : كدره ورنق الطائر ترنيقا ، إذا وقف في الهواء صافا جناحه يريد الوقوع. فالمعنى : وقفت في عينه سنة. ويجوز أن المعنى : رنقت عينه سنة ، أى كدرتها. وأقحم «في» لأنه جعل العين ظرفا للترنيق ، وهذا يشعر بتشبيه العين بالماء في شدة الصفاء. والسنة من وسن فهو وسنان ، فهي من باب عدة. وسبب النوم : ريح يقوم في أغشية الدماغ ، فإذا وصل إلى العين فترت ، وهذا هو الوسن ، وإذا وصل إلى القلب وتمكن منه زال إدراك الحواس ، وهذا هو النوم ؛ فلذلك نفاه مع إثبات السنة.
(٢) قلت قوله «وذلك من قومه كطلب الرؤية» من كلام الزمخشري ، أدرجه في الخبر. فقد رواه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) أن موسى سأل الملائكة : هل ينام الله عز وجل؟ فذكره» وقد رواه أبو يعلى والطبري والدارقطني في الأفراد وابن مردويه والبيهقي في الصفات ، كلهم من طريق إسحاق بن أبى إسرائيل عن هشام بن يوسف عن أمية بن سبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبى هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى عن موسى عليه السلام قال وقع في نفس موسى : هل ينام ربنا؟ فأرسل إليه ملكا فأرقه ، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة ، وأمره أن يختفظ بهما. قال : فجعل ينام ويكاد يداه يلتقيان فيستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى حتى نام نومة. فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان. قال : ضرب الله له مثلا : إن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض» ورواه البيهقي موقوفا وقال : هذا هو الأشبه. وقال الدارقطني تفرد به الحاكم عن عكرمة وأمه عن الحكم وهشام عن أمية. وقال الخطيب : رواه معمر عن الحكم عن عكرمة من قوله. ولم يذكر أبا هريرة. ولا النبي صلى الله عليه وسلم. قلت : ورواية ـ