الثمن ، والبنات الثلثين ، والباقي ابني العم (١) (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) أى قسمة التركة (أُولُوا الْقُرْبى) ممن لا يرث (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) الضمير لما ترك الوالدان والأقربون ، وهو أمر على الندب قال الحسن : كان المؤمنون يفعلون ذلك ، إذا اجتمعت الورثة حضرهم هؤلاء فرضخوا لهم بالشيء من رثة المتاع (٢). فحضهم الله على ذلك تأديبا من غير أن يكون فريضة. قالوا : ولو كان فريضة لضرب له حدّ ومقدار كما لغيره من الحقوق ، وروى أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنه قسم ميراث أبيه وعائشة رضى الله عنها حية؟ فلم يدع في الدار أحداً إلا أعطاه ، وتلا هذه الآية. وقيل : هو على الوجوب. وقيل : هو منسوخ بآيات الميراث كالوصية. وعن سعيد بن جبير : أن ناسا يقولون نسخت ، وو الله ما نسخت ، ولكنها مما تهاونت به الناس. والقول المعروف أن يلطفوا لهم القول ويقولوا : خذوا بارك الله عليكم ، ويعتذروا إليهم ، ويستقلوا ما أعطوهم ولا يستكثروه ، ولا يمنوا عليهم. وعن الحسن والنخعي : أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات والمساكين واليتامى من العين ، يعنيان الورق والذهب. فإذا قسم الورق والذهب وصارت القسمة إلى الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك ، قالوا لهم قولا معروفا ، كانوا يقولون لهم : بورك فيكم.
(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(٩)
__________________
(١) هكذا أورده الثعلبي ثم البغوي بغير سند وقال الواحدي في الأسباب : قال المفسرون «إن أوس بن ثابت الأنصارى توفى وترك امرأة يقال لها أم كحة ، وله منها ثلاث بنات. فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه يقال لهما عافجة وسويد فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته شيئاً ولا بناته. وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير ، وإن كان ذكراً. وإنما يورثون الرجال الكبار. وكانوا يقولون : لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل ، وحاز الغنيمة فجاءت أم كحة فذكره إلى آخره سواء. والظاهر أنه عنى بقوله «المفسرون» الكلبي ومقاتل وأشباههما وقد روى الطبري هذه القصة من طريق ابن جريج عن عكرمة على غير هذا السياق ولفظه «نزلت في أم كحة وثعلبة وأوس بن سويد وهم من الأنصار كان أحدهما زوجها والآخر عم ولدها. فقالت : يا رسول الله توفى زوجي وتركني وابنته فلم نورث. فقال عم ولدها : إن ولدها لا يركب فرساً ولا يحمل كلا ، ولا ينكأ عدواً. فنزلت (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) الآية وروى من طريق السدى قال : في قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) ـ الآية كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من العلمان ولا يورثون إلا من أطاق القتال فمات عبد الرحمن أبو حسان الشاعر. وترك امرأة يقال لها أم كحة وترك خمس أخوات. فجاءت الورثة فأخذوا ماله فشكت أم كحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) ثم قال في أم كحة (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) ـ الآية
(٢) قوله «من رثة المتاع» في الصحاح : الرثة : السقط من متاع البيت من الخلقان ، والجمع رثث ، مثل قربة وقرب. (ع)