لأجلها ، فإن قلت : فان جعلت يورث على البناء للمفعول من أورث ، فما وجهه؟ قلت : الرجل حينئذ هو الوارث لا الموروث. فان قلت : فالضمير في قوله : (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) إلى من يرجع حينئذ؟ قلت : إلى الرجل وإلى أخيه أو أخته ، وعلى الأول إليهما. فان قلت : إذا رجع الضمير إليهما أفاد استواءهما في حيازة السدس من غير مفاضلة الذكر الأنثى ، فهل تبقى هذه الفائدة قائمة في هذا الوجه؟ قلت : نعم ، لأنك إذا قلت السدس له أو لواحد من الأخ أو الأخت على التخيير فقد سوّيت بين الذكر والأنثى. وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، أنه سئل عن الكلالة فقال : أقول فيه برأيى ، فان كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطأ فمنى ومن الشيطان والله منه بريء. الكلالة : ما خلا الولد والوالد (١). وعن عطاء والضحاك : أنّ الكلالة هو الموروث. وعن سعيد ابن جبير : هو الوارث. وقد أجمعوا على أنّ المراد أولاد الأم. وتدل عليه قراءة أبىّ : وله أخ أو أخت من الأمّ. وقراءة سعد بن أبى وقاص : وله أخ أو أخت من أم. وقيل : إنما استدل على أن الكلالة هاهنا الإخوة للأم خاصة بما ذكر في آخر السورة من أنّ للأختين الثلثين وأنّ للإخوة كل المال ، فعلم هاهنا ـ لما جعل للواحد السدس ، وللاثنين الثلث ، ولم يزادوا على الثلث شيئاً ـ أنه يعنى بهم الإخوة للأم ، وإلا فالكلالة عامة لمن عدا الولد والوالد من سائر الإخوة الأخياف والأعيان وأولاد العلات (٢) وغيرهم (غَيْرَ مُضَارٍّ) حال ، أى يوصى بها وهو غير مضارّ لورثته وذلك أن يوصى بزيادة على الثلث ، أو يوصى بالثلث فما دونه ، ونيته مضارّة ورثته ومغاضبتهم لا وجه الله تعالى. وعن قتادة : كره الله الضرار في الحياة وعند الممات ونهى عنه. وعن الحسن : المضارة في الدين أن يوصى بدين ليس عليه ومعناه الإقرار (وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكد ، أى يوصيكم بذلك وصية ، كقوله : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) ويجوز أن تكون منصوبة بغير مضار ، أى لا يضار وصية من الله وهو الثلث فما دونه بزيادته على الثلث أو وصية من الله بالأولاد وأن لا يدعهم عالة بإسرافه في الوصية. وينصر هذا الوجه قراءة الحسن : (غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) بالاضافة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمن جار أو عدل في وصيته (حَلِيمٌ) عن الجائر لا يعاجله. وهذا وعيد. فإن قلت : في : (يُوصى) ضمير الرجل إذا جعلته الموروث ، فكيف تعمل إذا جعلته الوارث؟ قلت: كما عملت في قوله تعالى : (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) لأنه علم أن التارك والموصى هو الميت. فان قلت: فأين ذو الحال فيمن قرأ (يُوصى بِها) على ما لم يسم فاعله؟ قلت : يضمر يوصى فينتصب عن فاعله
__________________
(١) أخرجه ابن أبى شيبة والطبري وسعيد بن منصور. ومن رواية الشعبي قال : قال أبو بكر. وفي رواية سعيد والطبري كلام عمر أيضاً.
(٢) قوله «سائر الاخوة الأخياف والأعيان وأولاد العلات» في الصحاح : إخوة أخياف ، إذا كانت أمهم واحدة والآباء شتى. والأعيان : الاخوة بنو أب واحد وأم واحدة. وبنو العلات : أولاد الرجل الواحد من أمهات شتى اه ملخصاً من مواضع. (ع)