والنفقات. وروى أنّ سعد بن الربيع وكان نقيبا من نقباء الأنصار نشرت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبى زهير ، فلطمها ، فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أفرشته كريمتي فلطمها فقال : «لتقتصّ منه» فنزلت ، فقال صلى الله عليه وسلم : «أردنا أمراً وأراد الله أمرا ، والذي أراد الله خير» (١) ، ورفع القصاص. واختلف في ذلك ، فقيل لا قصاص بين الرجل وامرأته فيما دون النفس ولو شجها ، ولكن يجب العقل. وقيل : لا قصاص إلا في الجرح والقتل. وأما اللطمة ونحوها فلا (قانِتاتٌ) مطيعات قائمات بما عليهنّ للأزواج (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) الغيب خلاف الشهادة ، أى حافظات لمواجب الغيب إذا كان الأزواج غير شاهدين لهنّ حفظهن ما يجب عليهنّ حفظه في حال الغيبة ، من الفروج والبيوت والأموال. وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرّتك ، وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها» وتلا الآية (٢) وقيل (لِلْغَيْبِ) لأسرارهم (بِما حَفِظَ اللهُ) بما حفظهنّ الله حين أوصى بهنّ الأزواج في كتابه وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام فقال : «استوصوا بالنساء خيراً» (٣) أو بما حفظهنّ الله وعصمهنّ ووفقهنّ لحفظ الغيب ، أو بما حفظهنّ حين وعدهنّ الثواب العظيم على حفظ الغيب ، وأوعدهنّ بالعذاب الشديد على الخيانة. و «ما» مصدرية. وقرئ (بِما حَفِظَ اللهُ) بالنصب على أنّ ما موصولة ، أى حافظات للغيب بالأمر الذي يحفظ حق الله وأمانة الله ، وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم. وقرأ ابن مسعود : فالصوالح قوانت حوافظ للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهنّ. نشوزها ونشوصها : أن تعصى زوجها ولا تطمئن إليه وأصله الانزعاج (فِي الْمَضاجِعِ) في المراقد. أى لا تدخلوهن تحت اللحد أو هي كناية عن الجماع. وقيل : هو أن يوليها ظهره في المضجع وقيل : في المضاجع : في بيوتهن التي يبتن فيها. أى
__________________
(١) كذا ذكره الثعلبي والواحدي عن مقاتل به. ولأبى داود في المراسيل وابن أبى شيبة والطبري عن الحسن أن رجلا لطم وجه امرأته : فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكت إليه. فقال : القصاص. فنزلت (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) ولابن مردويه عن على بإسناده أو نحوه. ولم يقل «القصاص» وزاد «أردت أمراً وأراد الله غيره».
(٢) أخرجه أبو داود والحاكم والترمذي من رواية مجاهد عن ابن عباس «لما نزلت الذين يكنزون الذهب والفضة ، الحديث ـ وفيه ألا أخبركم بخير ما يكنز : المرأة الصالحة : إذا نظر إليها سرته ، وإذا أمرها أطاعته. وإذا غاب عنها حفظته» وللنسائى من رواية سعيد المقبري عن أبى هريرة قال «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير النساء فقال : التي تطيع إذا أمر وتسر إذا نظر. وتحفظه في نفسها وماله» وإسناده حسن. وأخرجه البزار والحاكم والطبري وغيرهم من طرق عن سعيد. وفي الباب عن أبى أمامة عند ابن ماجة وإسناده ساقط. وعن عبد الله بن سلام عند الطبراني. وعن ثوبان وغيرهم.
(٣) متفق عليه من حديث أبى حازم عن أبى هريرة. وقد تقدم من وجه آخر.