من يشاء يثابون على زكائهم ولا ينقص من ثوابهم. ونحوه (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) : (كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في زعمهم أنهم عند الله أزكياء (وَكَفى) بزعمهم هذا (إِثْماً مُبِيناً) من بين سائر آثامهم.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥١) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً)(٥٢)
الجبت : الأصنام وكل ما عبد من دون الله : والطاغوت : الشيطان. وذلك أن حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف اليهوديين خرجا إلى مكة مع جماعة من اليهود يحالفون قريشاً على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : أنتم أهل كتاب ، وأنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا ، فلا نأمن مكركم ، فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا فهذا إيمانهم (بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) لأنهم سجدوا للأصنام وأطاعوا إبليس فيما فعلوا. وقال أبو سفيان : أنحن أهدى سبيلا أم محمد. فقال كعب : ما ذا يقول محمد؟ قالوا يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك. قال : وما دينكم؟ قالوا : نحن ولاة البيت ، ونسقي الحاج ، ونقرى الضيف ، ونفك العاني. وذكروا أفعالهم ، فقال : أنتم أهدى سبيلا.
(أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)(٥٥)
وصف اليهود بالبخل والحسد وهما شرّ خصلتين : يمنعون ما أوتوا من النعمة ويتمنون أن تكون لهم نعمة غيرهم فقال (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) على أن أم منقطعة (١) ومعنى الهمزة لإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك ثم قال (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ) أى لو كان لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون أحداً مقدار نقير لفرط بخلهم : والنقير : النقرة في ظهر النواة
__________________
(١) قوله «على أن أم منقطعة» أى تفسر ببل والهمزة. (ع)