وثوبهم ، وأنت تريد الجمع رفضوه. ولك أن تقول : السمع مصدر في أصله ، والمصادر لا تجمع. فلمح الأصل يدل عليه جمع الأذن في قوله : (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) وأن تقدّر مضافا محذوفا : أى وعلى حواس سمعهم. وقرأ ابن أبى عبلة : وعلى أسماعهم. فإن قلت : هلا منع أبا عمرو والكسائي من إمالة أبصارهم ما فيه من حرف الاستعلاء وهو الصاد؟ قلت : لأنّ الراء المكسورة تغلب المستعلية ، لما فيها من التكرير كأن فيها كسرتين ، وذلك أعون شيء على الإمالة وأن يمال له ما لا يمال. والبصر نور العين ، وهو ما يبصر به الرائي ويدرك المرئيات. كما أن البصيرة نور القلب ، وهو ما به يستبصر ويتأمل. وكأنهما جوهران لطيفان خلقهما الله فيهما آلتين للإبصار والاستبصار.
وقرئ (غشاوة) بالكسر والنصب. وغشاوة : بالضم والرفع. وغشاوة : بالفتح والنصب. وغشوة : بالكسر والرفع. وغشوة : بالفتح والرفع والنصب. وعشاوة : بالعين غير المعجمة والرفع ، من العشا.
والعذاب : مثل النكال بناء ومعنى ؛ لأنك تقول : أعذب عن الشيء ، إذا أمسك عنه.
كما تقول : نكل عنه. ومنه العذب ؛ لأنه يقمع العطش ويردعه ، بخلاف الملح فإنه يزيده.
ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا ؛ لأنه ينقخ العطش أى يكسره. وفراتا ، لأنه يرفته على القلب. ثم اتسع فيه فسمى كل ألم فادح عذابا ، وإن لم يكن نكالا ـ أى عقاباً يرتدع به الجاني عن المعاودة.
والفرق بين العظيم والكبير ، أن العظيم نقيض الحقير ، والكبير نقيض الصغير ، فكأن العظيم فوق الكبير ، كما أن الحقير دون الصغير. ويستعملان في الجثث والأحداث جميعاً. تقول : رجل عظيم وكبير ، تريد جثته أو خطره. ومعنى التنكير أن على أبصارهم نوعا من الأغطية غير ما يتعارفه الناس ، وهو غطاء التعامي عن آيات الله. ولهم من بين الآلام العظام نوع عظيم لا يعلم كنهه إلا الله.
اللهم أجرنا من عذابك ولا تبلنا بسخطك يا واسع المغفرة.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ)(١٠)