اليهودي. وقيل : هم أن يقطع يده (١) فنزلت. وروى أن طعمة هرب إلى مكة وارتد ونقب حائطاً بمكة ليسرق أهله فسقط الحائط عليه فقتله (بِما أَراكَ اللهُ) بما عرفك وأوحى به إليك. وعن عمر رضى الله عنه : لا يقولنّ أحدكم قضيت بما أرانى الله ، فإنّ الله لم يجعل ذلك إلا لنبيه صلى الله عليه وسلم ، ولكن ليجتهد (٢) رأيه ، لأن الرأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مصيباً ، لأن الله كان يريه إياه ، وهو منا الظن والتكلف (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) ولا تكن لأجل الخائنين مخاصما للبرآء ، يعنى لا تخاصم اليهود لأجل بنى ظفر (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) مما هممت به من عقاب اليهودي.
(وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (١٠٨) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (١٠٩) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)(١١٠)
(يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) يخونونها بالمعصية. كقوله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) جعلت معصية العصاة خيانة منهم لأنفسهم كما جعلت ظلما لها : لأنّ الضرر راجع إليهم. فإن قلت : لم قيل (لِلْخائِنِينَ) و (يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) وكان السارق طعمة وحده؟ قلت : لوجهين ، أحدهما : أنّ بنى ظفر شهدوا له بالبراءة ونصروه ، فكانوا شركاء له في الإثم. والثاني : أنه جمع ليتناول طعمة وكل من خان خيانته ، فلا تخاصم لخائن قط ولا تجادل عنه. فإن قلت : لم قيل (خَوَّاناً أَثِيماً) على المبالغة؟ قلت : كان الله عالما من طعمة بالإفراط في الخيانة وركوب المآثم ، ومن كانت تلك
__________________
(١) ذكره الثعلبي من رواية أبى صالح عن الكلبي عن ابن عباس. ونقله الواحدي عن المفسرين في الأسباب. ورواه الطبري من رواية سعيد عن قتادة قال «ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في شأن طعمة بن أبيرق وكان من الأنصار من بنى ظفر سرق درعاً لعمه ، كانت وديعة عنده ثم قذفها على يهودى كان يغشاهم يقال له : زيد بن السمين ـ فذكر القصة. وأخرجه الترمذي والحاكم مطولا من رواية محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده قتادة بن النعمان. وقال الترمذي : غريب ، ولا نعلم أسنده عن ابن إسحاق إلا محمد بن سلمة. ورواه يونس وغير واحد عن ابن إسحاق عن عاصم مرسلا.
(٢) قوله «ولكن ليجتهد رأيه» عبارة الخازن : ليجهد. (ع)