وأصحابه. وحكم الصابئين حكم أهل الكتاب عند أبى حنيفة. وقال صاحباه : هم صنفان : صنف يقرؤن الزبور ويعبدون الملائكة. وصنف لا يقرؤن كتابا ويعبدون النجوم ؛ فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب. وأما المجوس فقد سنّ بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم. وقد روى عن أبى المسيب أنه قال : إذا كان المسلم مريضاً فأمر المجوسي أن يذكر اسم الله ويذبح فلا بأس. وقال أبو ثور : وإن أمره بذلك في الصحة فلا بأس وقد أساء (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) فلا عليكم أن تطعموهم (١) ، لأنه لو كان حراما عليهم طعام المؤمنين لما ساغ لهم إطعامهم. (الْمُحْصَناتُ) الحرائر أو العفائف. وتخصيصهن بعث على تخير المؤمنين لنطفهم والإماء من المسلمات يصح نكاحهن بالاتفاق ، وكذلك نكاح غير العفائف منهن ، وأما الإماء الكتابيات ، فعند أبى حنيفة : هن كالمسلمات ، وخالفه الشافعي ، وكان ابن عمر لا يرى نكاح الكتابيات ، ويحتج بقوله «ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ» ويقول : لا أعلم شركا أعظم من قولها : إن ربها عيسى. وعن عطاء : قد أكثر الله المسلمات ، وإنما رخص لهم يومئذ (مُحْصِنِينَ) أعفاء (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) صدائق ، والخدن يقع على الذكر والأنثى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) بشرائع الإسلام وما أحلّ الله وحرّم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٦)
__________________
(١) قال محمود : «معناه فلا عليكم أن تطعموهم ... الخ» قال أحمد : وقد يستدل بهذه الآية من يرى الكفار مخاطبين بفروع الشريعة ، لأن التحليل حكم ، وقد علقه بهم في قوله : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) كما علق الحكم بالمؤمنين. وهذه الآية أبين في الاستدلال بها من قوله : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) فان لقائل أن يقول في تلك الآية : نفى الحكم ليس بحكم ، ولا يستطيع ذلك في آية المائدة هذه : لأن الحكم فيها مثبت والله أعلم. ولما استشعر الزمخشري دلالتها على ذلك وهو من القائلين بأن الكفار يستحيل خطابهم بفروع الشريعة ، أسلف تأويلها بصرف الخطاب إلى المؤمنين ، أى لا جناح عليكم أيها المسلمون أن تطعموا أهل الكتاب ، كما رأيته في كلامه أيضا.