صفة وهموا بالفتك به ، وعمد عمرو بن جحاش إلى رحا عظيمة يطرحها عليه ، فأمسك الله يده ونزل جبريل فأخبره ، فخرج (١). وقيل : نزل منزلا وتفرق الناس في العضاه يستظلون بها ، فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة ، فجاء أعرابى فسلّ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل عليه فقال : من يمنعك منى؟ قال : الله ، قالها ثلاثا ، فشام الأعرابى السيف (٢) فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأخبرهم ، وأبى أن يعاقبه (٣). يقال : بسط إليه لسانه إذا شتمه ، وبسط إليه يده إذا بطش به (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) ومعنى «بسط اليد» مدّها إلى المبطوش به. ألا ترى إلى قولهم : فلان بسيط الباع ، ومديد الباع ، بمعنى. (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) فمنعها أن تمدّ إليكم.
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٢) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٣)
__________________
(١) أخرجه ابن إسحاق في المغازي ومن طريقه البيهقي وأبو نعيم في الدلائل. قال : حدثني والدي إسحاق بن يسار بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وغيرهما من أهل العلم قالوا : قدم أبو براد عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فذكره مطولا ـ وفيه قال «ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بنى النضير يستعينهم في القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فيما حدثني يزيد بن رومان قال : كان بين بنى النضير وبنى عامر عقد وحلف. فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم قالوا : نعم ، اجلس يا أبا القاسم فجلس إلى جانب جدار من بيوتهم ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا. من رجل يعلو على هذا البيت فيلقى عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك منهم عمرو بن جحاش بن كعب ، فصعد ليلقى عليه صخرة كما قال ـ ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه منهم أبو بكر وعمر وعلى ، فأتاه جبريل من السماء بما أراد القوم فقام وخرج راجعا إلى المدينة ، ثم أمر بحربهم والمسير إليهم. فسار الناس» (تنبيه) في كلام صاحب الكشاف «أنهما كانا مسلمين» ولم أجد ذلك في شيء من طرقه بل صرح موسى بن عقبة في المغازي أنهما كانا كافرين ، وكان لهما عهد وفي الدلائل لأبى نعيم من حديث ابن عباس : فلقى عمرو بن أمية رجلين من بنى كلاب معهما أمان ولم يعلم به فقتلهما».
(٢) قوله «فشام الأعرابى السيف» في الصحاح. شمت السيف أغمدته. وشمته : سللته وهو من الأضداد. (ع)
(٣) متفق عليه من رواية أبى سلمة عن جابر نحوه. وللبخاري من وجه آخر.