اليمينان ، بدليل قراءة عبد الله : والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم ، والسارق في الشريعة : من سرق من الحرز : والمقطع. الرسغ. وعند الخوارج : المنكب. والمقدار الذي يجب به القطع عشرة دراهم عند أبى حنيفة ، وعند مالك والشافعي رحمهما الله ربع دينار. وعن الحسن درهم وفي مواعظه : احذر من قطع يدك في درهم (جَزاءً) و (نَكالاً) مفعول لهما (فَمَنْ تابَ) من السرّاق (مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) من بعد سرقته (وَأَصْلَحَ) أمره بالتفصى عن التبعات (فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ) ويسقط عنه عقاب الآخرة. وأمّا القطع فلا تسقطه التوبة عند ابى حنيفة وأصحابه وعند الشافعي في أحد قوليه تسقطه (مَنْ يَشاءُ) من يجب في الحكمة تعذيبه والمغفرة له من المصرين والتائبين. وقيل : يسقط حدّ الحربي إذا سرق بالتوبة ، ليكون أدعى له إلى الإسلام وأبعد من التنفير عنه ، ولا يسقطه عن المسلم (١) : لأن في إقامته الصلاح للمؤمنين والحياة (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ). فإن قلت : لم قدّم التعذيب على المغفرة (٢)؟ قلت : لأنه قوبل بذلك تقدم السرقة على التوبة.
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٤١)
قرئ (لا يحزنك) بضم الياء. ويسرعون. والمعنى : لا تهتم ولا تبال بمسارعة المنافقين (فِي الْكُفْرِ) أى في إظهاره بما يلوح منهم من آثار الكيد للإسلام ومن موالاة المشركين ، فإنى ناصرك عليهم وكافيك شرّهم. يقال : أسرع فيه الشيب ، وأسرع فيه الفساد ، بمعنى : وقع
__________________
(١) قوله «ولا يسقطه عن المسلم» لعله «ولا يسقط» أو «ولا تسقطه». (ع)
(٢) قال محمود : «فان قلت لم قدم التعذيب على المغفرة ... الخ» قال أحمد : هو مبنى على أن المراد بالمغفور لهم التائبون ، وبالمعذبين السراق. ولا يجعل المغفرة تابعة للمشيئة إلا بقيد التوبة ، لأن غير التائب على زعمه لا يجوز أن يشاء الله المغفرة له ، فلذلك ينزل الإطلاق على المتقدم ذكره. ونحن نعتقد أن المغفرة في حق غير التائب من الموحدين تتبع المشيئة ، حتى أن من جملة ما يدخل في عموم قوله : (وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) السارق الذي لم يتب. وعلى هذا يكون تقديم التعذيب لأن السياق للوعيد فيناسب ذلك تقديم ما يليق به من الزواجر والله أعلم.