الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ. قالُوا : إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) وأسدل الستار.
فأما هنا في هذه السورة فإن نقطة التركيز في السياق هي سر التكوين في آدم ، وسر الهدى والضلال ، وعواملهما الأصيلة في كيان الإنسان .. ومن ثم نصّ ابتداء على خلق الله آدم من صلصال من حمأ مسنون ونفخه فيه من روحه. وخلق الشيطان من قبل من نار السموم. ثم عرض حكاية سجود الملائكة وإباء إبليس استنكافا من السجود لبشر من صلصال من حمأ مسنون. وطرده ولعنته. وطلبه الإنظار إلى يوم البعث وإجابته. وزاد أن إبليس قرر على نفسه أن ليس له سلطان على عباد الله المخلصين. إنما سلطانه على من يدينون له ولا يدينون لله. وانتهى بمصير هؤلاء وهؤلاء في غير حوار ولا عرض ولا تفصيل. تبعا لنقطة التركيز في السياق. وقد استوفت بيان عنصري الإنسان ، وبيان سلطة الشيطان.)
٢ ـ وبمناسبة قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال صاحب الظلال : (وقد كان ما قاله الله. فقوله تعالى إرادة. وتوجه الإرادة ينشئ الخلق المراد. ولا نملك أن نسأل كيف تلبست نفخة الله الأزلي الباقي بالصلصال المخلوق الفاني. فالجدل على هذا النحو عبث عقلي. بل عبث بالعقل ذاته ، وخروج به عن الدائرة التي يملك فيها أسباب التصور والإدراك والحكم. وكل ماثار من الجدل حول هذا الموضوع وكل ما يثور إن هو إلا جهل بطبيعة العقل البشري وخصائصه وحدوده ، وإقحام له في غير ميدانه ، ليقيس عمل الخالق إلى مدركات الإنسان ، وهو سفه في إنفاق الطاقة العقلية ، وخطأ في المنهج من الأساس ... بينما العقل الإنساني ليس مدعوا أصلا للفصل في الموضوع. لأن الله يقول : إن هذا قد كان. ولا يقول : كيف كان. فالأمر إذن ثابت ولا يملك العقل البشري أن ينفيه. وكذلك هو لا يملك أن يثبته بتفسير من عنده ـ غير التسليم بالنص ـ لأنه لا يملك وسائل الحكم. فهو حادث والحادث لا يملك وسائل الحكم على الأزلي في ذاته. ولا على الأزلي في خلقه للحادث وتسليم العقل ابتداء بهذه البديهية أو القضية ـ وهي أن الحادث لا يملك وسائل الحكم على الأزلي في أي صورة. يكفي ليكف العقل عن إنفاق طاقته سفها في غير مجاله المأمون)