لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) نعلم أن سلاح الشيطان التزيين والإغواء : تزيين الشهوات ، تزيين المعاصي ، تزيين الدنيا ، تزيين المنكر ، تزيين الحال السىء. الإغواء عن الحق ، الإغواء عن صراط الله ، الإغواء عن السنن. ومن تتمة الآيات نعلم أن عباد الله المخلصين ليس للشيطان عليهم سلطان ، وعباد الله وردت صفاتهم في أكثر من مكان في القرآن كقوله تعالى (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) (الفرقان : ٦٣) وقد فصّلنا ذلك في كتابنا (جند الله ثقافة وأخلاقا) فليراجع.
وأما المخلصون : فهم من اجتمع لهم العلم والعمل والإخلاص فأخلصوا. قال الحسن البصري : (الناس هلكى إلا العالمون ، والعالمون هلكى إلا العاملون ، والعاملون هلكى إلا المخلصون ، والمخلصون على خطر عظيم). فإذا كان المخلصون على خطر عظيم ، فمن هم مظنة النجاة؟.
الجواب : المخلصون. والطريق إلى التحقق بصفة المخلصين هو الإكثار من تذكر الدار الآخرة. قال تعالى : (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ* إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ.) (ص : ٤٥ ـ ٤٦) فبقدر ما يتذكر إنسان الآخرة يقرب من هذا المقام.
٣ ـ ذكر ابن كثير عند قوله تعالى : (إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) كلاما رواه ابن جرير عن يزيد بن قسيط ولم يرفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخلاصته : أن ابن آدم يغلب الشيطان بالاستعاذة منه بالله ، وأن الشيطان يغلب ابن آدم عند الغضب والهوى وهي معان صحيحة ، فلنحذر من الغضب والهوى ، ولنكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان.
٤ ـ بمناسبة قوله تعالى عن النار : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) قال ابن كثير : «أي : قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه لا محيد لهم عنه ـ أجارنا الله منها ـ وكل يدخل من باب بحسب عمله ويستقر في درك بقدر عمله).
أقول : وتفصيلات هذا الموضوع لم نطالب بعلمها. وما نقلناه هنا من أقوال إنما نقلناه لمجرد استكمال التصورات عن اليوم الآخر من خلال ما ورد من أقوال السلف ، ولا يلزمنا في هذا الباب إلا ما ورد في كتاب ربنا وما ثبت عن رسولنا عليه الصلاة