المصحف. ولكن ترتيب هذه الآيات في السور ترتيب توقيفي ، فلا بد من حكمة في ترتيبها على هذا النسق.
التفسير :
لما أتم الله عزوجل ذكر الوعد والوعيد في نهاية قصة آدم عليهالسلام أتبعه بقوله : (نَبِّئْ عِبادِي) أي أخبر عبادي (أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي أني ذو مغفرة وذو رحمة (وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) أي وأني ذو عذاب أليم ، وقد جاء هذا عقب ما تقدم من الوعد والوعيد في نهاية قصة آدم تقريرا لما ذكر ، وتمكينا له في النفوس ، وعباده هم الذين مرّ ذكرهم بقوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) وهكذا اتضح كيف يكون الموقف من الكافرين (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) لأنهم (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أما عباد الله فهؤلاء يربون على مقامي : الخوف والرجاء ، وعلى معرفة سنن الله ومن ثم (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) أي وأخبر أمتك عن أضياف إبراهيم ، لأن هذا الإخبار يدلهم على سنة الله في أوليائه ، وعلى سنته في أعدائه في الدنيا بعد أن عرفوا من قصة آدم عليهالسلام ونهايتها سنته في أوليائه وأعدائه في الآخرة ، كما أن في هذا الإخبار تعريفا لهم على سنته في إنزال الملائكة الذي اقترحه الكافرون في أول السورة ، فهو ينزلهم إما لتكريم رسول أو لتعذيب المكذبين ، وفي المجموعة تذكير وتدليل على أنه شديد العقاب ، وأنه غفور رحيم ، كما أن في هذا الإخبار إعجازا إذ يتحدث عن دقائق ما كانت لتذكر لو لا أن هذا القرآن من عند الله (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) أي على إبراهيم (فَقالُوا سَلاماً) أي نسلم سلاما (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) أي خائفون ، وقد ذكر في مكان آخر رده للسلام وتقديمه للطعام وسبب خوفه منهم وذلك عندما رأى أيديهم لا تصل إلى ما قربه إليهم من الضيافة (قالُوا لا تَوْجَلْ) أي لا تخف (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) أي إسحق ، والمعنى إنك مبشّر آمن فلا توجل (قالَ) متعجبا من أن يكون ذلك مع كبره وكبر زوجته ومتحققا للوعد (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) أي أبشرتموني مع مس الكبر بأن يولد لي؟ أي إن الولادة أمر مستنكر عادة مع الكبر فبأي أعجوبة تبشرونني ، وفهمنا كلمة الأعجوبة من ما الاستفهامية بقوله (فَبِمَ) فأجابوه مؤكدين لما بشروه به تحقيقا وبشارة بعد بشارة (قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِ) أي باليقين الذي لا لبس فيه (فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) أي من الآيسين من ذلك ، فأجابهم